الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِي وَٱرْكَعِي مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ } * { ذٰلِكَ مِنْ أَنَبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } * { إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } * { وَيُعَلِّمُهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } * { وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وٱلأَبْرَصَ وَأُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

{ (43) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } في جماعتهم أو كوني في عدادهم امرت بالصلاة بذكر أركانها.

القمّي إنما هو اركعي واسجدي وعده مما وقع فيه التقديم والتأخير من القرآن.

وفي العلل عن الصادق عليه السلام قال سميت فاطمة محدّثة لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران فتقول يا فاطمة ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين فتحدّثهم ويحدثونها فقالت لهم ذات ليلة أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران فقالوا ان مريم كانت سيدة نساء عالمها وان الله عز وجل جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها وسيدة نساء الأولين والآخرين.

{ (44) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقَونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ } العياشي عن الباقر عليه السلام يقرعون بها حين ايتمت من ابيها { وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يَخْتَصِمُونَ } تنافساً في كفالتها.

{ (45) إذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ } قيل أصله بالعبرية مشيحا ومعناه المبارك { عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ } قيل هو معرب ايشوع { وَجِيهاً } القمّي ذو وجه وجاه { فِي الدُّنيَا } بالنبوة والرسالة وفي { الآخِرَةِ } بالشفاعة وعلو الرتبة { وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } من الله برفعه إلى السماء وصحبة الملائكة وعلو درجته في الجنة.

{ (46) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ } كلام الأنبياء { فِي الْمَهْدِ } حال كونه طفلاً { وَكَهْلاً } من غير تفاوت قيل فيه دليل على نزوله لأنه رفع قبل أن يكتهل { وَمِنَ الصَّالِحِينَ } قيل ذكر أحواله المختلفة المتنافية ارشاد إلى أنه بمعزل عن الألوهية.

{ (47) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }.

كما يقدر ان يخلق الأشياء مدرجاً بأسباب ومواد يقدر أن يخلقها دفعة من غير ذلك.

{ (48) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ } وقرئ بالنون الكتبة أو جنس الكتب المنزلة { وَالْحِكْمَةَ وَالتَوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ } خصّ الكتابان لفضلهما.

{ (49) وَرَسُولاً } ويرسله رسولاً { إِلى بَنِي اسْرَائِيلَ } ، في الاكمال عن الباقر عليه السلام انه ارسل إلى بني إسرائيل خاصة وكانت نبوته ببيت المقدس { أَنّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } حجّة شاهدة على صحة نبوتي { أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ } اقدر واصور شيئاً وقرئ إنّي بالكسر { مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطّيرِ } مثل صورته { فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً } حياً طياراً { بِإِذْنِ اللهِ } بأمره نبّه على أنَّ إحياءه من الله لا منه، وقرئ طائراً { وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ } الأعمى { وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ } كرر باذن الله دفعاً لوهم الألوهية فان الأحياء ليس من جنس الأفعال البشرية { وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ مَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ } بالمغيبات من أحوالكم التي لا تشكون فيها { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَة لَكُمْ إن كُنتُم مُؤْمِنِينَ } مصدّقين غير معاندين.

السابقالتالي
2 3