الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ } * { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ }

{ (137) قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } وقائع سنها الله تعالى في الأمم المكذبة { فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } لتعتبروا بما ترون من آثار هلاكهم.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين قال عنى بذلك انظروا في القرآن فاعلموا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم وما أخبركم عنه.

{ (138) هَذَا } أي القرآن { بَيَانٌ لِلنّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتّقِينَ } خاصة.

{ (139)وَلاَ تَهِنُوا } تضعفوا عن الجهاد بما أصابكم يوم أُحد { وَلاَ تَحْزَنُوْا } على من قتل منكم تسلية لهم عما أصابهم { وَأَنْتُمْ الأَعْلَونَ } وحالكم أنكم أعلى منهم شأناً فانكم على الحق وقتالكم لله وقتلاكم في الجنة وانهم على الباطل وقتالهم للشيطان وقتلاهم في النار وانكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم اليوم أو أنكم منصورون في العاقبة غالبون { إن كُنتُم مُؤْمِنِينَ } ان صح إيمانكم.

{ (140) إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ } بالفتح والضم لغتان وقيل بالفتح الجراح وبالضم ألمها وقرأ بهما حيث وقع { فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مَثْلُهُ } يعني ان أصابوا منكم فقد اصبتم منهم { وَتِلْكَ الأَيَّامُ } أوقات النصر والغلبة { نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النّاسِ } نصرفها بينهم نديل لهؤلاء تارة ولهؤلاء أخرى كما قيل فيوماً علينا ويوماً لنا ويوماً نُساء ويوماً نُسر { وَلِيَعْلَمَ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا } نداولها ليكون كيت وكيت ومن المصالح وليتميز الثابتون على الإِيمان من الذين على حرف ويعلم الله ذلك حين يشاهده الناس كما يعلمه من قبل ومن بعد { وَيَتّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ } ويكرم أناساً منكم بالشهادة { وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } اعتراض فيه تنبيه على أنه لا ينصرهم على الحقيقة وإنما يديل لهم أحياناً استدراجاً لهم وابتلاء للمؤمنين.

{ (141) وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا } ليطهرهم ويصفيهم من الذنوب ان كانت الدولة عليهم { وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ } ويهلكهم ان كانت عليهم والمحق نقص الشيء قليلاً قليلاً.

{ (142) أَمْ حَسِبْتُمْ } بل احسبتم يعني لا تحسبوا { أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنّةَ وَلَمّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } ولما يجاهد ويصبر من يصبر منكم.

العياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال ان الله هو أعلم بما هو مكونه قبل أن يكونه وهم ذر وعلم من يجاهد ممن لا يجاهد كما أنه يميت خلقه قبل أن يميتهم ولم يرهم موتهم وهم أحياء.

{ (143) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنّوْنَ الْمَوْتَ } بالشهادة { مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ } من قبل أن تشاهدوه وتعرفوا شدته { فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } معاينين له حين قتل دونكم من قتل من اخوانكم.

القمّي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية أن المؤمنين لما أخبرهم الله تعالى بالذي فعل بشهدائهم يوم بدر في منازلهم في الجنة رغبوا في ذلك فقالوا اللهم ارنا قتالاً نستشهد فيه فأراهم الله يوم أُحد اياه فلم يثبتوا إلا من شاء الله منهم فذلك قوله ولقد كنتم تمنون الموت الآية.

السابقالتالي
2 3 4