الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِيۤ أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } * { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } * { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } * { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً }

{ (40) وَلَقَدْ أَتَوْا } يعني قريشاً مرّوا مراراً في متاجرهم إلى الشام { عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِى أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ }

القمّي عن الباقر عليه السلام وامّا القرية التي امطرت مطر السّوء فهي سدوم قرية قوم لوط امطر الله عليهم حجارة من سجّيل يقول من طين { أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا } في مرار مرورهم فيتّعظون بما يرون فيها من آثار عذاب الله { بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُورًا } بل كانوا كفرة لا يتوقّعون نشوراً ولا عاقبة فلذلك لم ينظروا ولم يتّعظوا فمرّوا بها كما مرّت ركابهم.

{ (41) وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا } ما يتّخذونك الاّ موضع هزءٍ { أهذَا الَّذِى بَعَثَ اللهُ رَسُولاً } اي يقولون ذلك تهكّماً واستهزاء.

{ (42) إنْ كَادَ } انّه كاد { لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا } ليصرفنا عن عبادتها بفرط اجتهاده في الدعاء الى التوحيد وكثرة ما يورد ممّا يسبق الى الذّهن انّها حجج ومعجزات { لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا } ثبّتنا عليها واستمسكنا بعبادتها { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } فيه وعيد ودلالة على انّه لا يهملهم وان امهلهم.

{ (43) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ } بأن اطاعه وبنى عليه دينه لا يسمع حجّة ولا يتبصّر دليلاً { أفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } حفيظاً تمنعه عن الشرك والمعاصي وحاله هذا فالاستفهام الأوّل للتّقرير والتعجّب والثاني للإِنكار.

{ (44) أَمْ تَحْسَبُ } بل اتحسب { أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ } فتجدي لهم الآيات والحجج فتهتمّ بشأنهم وتطمع في ايمانهم وهو اشدّ مذمّة ممّا قبله حتّى حقّ بالإِضراب عنه اليه وتخصيص الاكثر لأنّه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استكباراً او خوفاً على الرياسة { إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأَنْعَامِ } في عدم انتفاعهم بقرع الآيات آذانهم وعدم تدبّرهم فيما شاهدوا من الدّلائل والمعجزات { بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } من الانعام لأنّها تنقاد من يتعهّدها وتميز من يحسن اليها ممّن يسيء اليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرّها وهؤلاء لا ينقادون لربّهم ولا يعرفون احسان الرحمن من اساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذي هو اعظم المنافع ولا يتَّقون العقاب الذي هو اشدّ المضارّ ولأنها لو لم تعتقد حقّاً ولم تكتسب خيراً لم تعتقد باطلاً ولم تكتسب شرّاً بخلاف هؤلاء ولأنّ جهالتها لا تضرّ بأحد وجهالة هؤلاء تؤدّي الى هيج الفتن وصدّ الناس عن الحق ولأنّها غير متمكّنة من تحصيل الكمال فلا تقصير منها ولا ذمّ وهؤلاء مقصّرون ومستحقون اعظم العقاب على تقصيرهم، القمّي قال نزلت في قريش وذلك انّه ضاق عليهم المعاش فخرجوا من مكّة وتفرّقوا وكان الرجل اذا رأى شجرة حسنة او حجراً حسناً هواه فعبده وكانوا ينحرون لها النعم ويلطّخونها بالدم ويسمونها سعد صخرة وكان اذا اصابهم داء في ابلهم واغنامهم جاؤوا الى الصخرة فيتمسّحون بها الغنم والابل فجاء رجل من العرب بإبل له يريدان يتمسّح بالصخرة ابله ويتبارك عليها فنفرت ابله وتفرّقت فقال الرجل اتيت الى سعد ليجمع شملنا فشتّتنا من سعد فما نحن من سعد وما صخر الاّ صخرة مستودّة من الارض لا تهدي لغيّ ولا رشد ومرّ به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال:

السابقالتالي
2