* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق
{ (13) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ }
القمّي قال مقيّدين بعضهم مع بعض { دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } هلاكاً أي يتمنّون هلاكاً وينادونه.
{ (14) لاَ تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا } اي يقال لهم ذلك { وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا } لأنَّ عذابكم انواع كثيرة.
{ (15) قُلْ أذَلِكَ خَيْرٌ أمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا }.
{ (16) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْؤُولاً } كان ما يشاؤون موعوداً حقيقاً بأن يسئل ويطلب او سأله الناس بقولهم{ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ } [آل عمران: 194] أو الملائكة بقولهم{ وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ } [غافر: 8].
{ (17) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } يعمّ كلّ معبود سواه { فَيَقُولُ } ايّ للمعبودين وقرء بالنّون فيهما { ءَأنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هَؤُلاَءِ أمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } لاخلالهم بالنظر الصحيح واعراضهم عن المرشد النصيح وهو استفهام تقريع وتبكيت للعبدة.
{ (18) قَالُوا سُبْحَانَكَ } تعجّباً ممّا قيل لهم لأنّهم امّا ملائكة وانبياء معصومون او جمادات لا تقدر على شيء واشعاراً بانهم الموسومون بتسبيحه وتوحيده فكيف يليق بهم اضلال عبيده او تنزيهاً لله عن الأنداد { مَا كَانَ يَنْبَغِى لَنَا } ما يصحّ لنا { أنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ } في المجمع عن الباقر عليه السلام انّه قرء نتّخذ بضم النون وفتح الخاء { وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ } بأنواع النّعم واستغرقوا في الشهوات { حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ } حتّى غفلوا عن ذكرك والتذكّر لآلآئك والتّدبّر في آياتك { وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا } هالكين.
{ (19) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ } التفات الى العبدة بالإِحتجاج والإِلزام على حذف القول والمعنى فقد كذبكم المعبودون { بِمَا تَقُولُونَ } في قولكم إنّهم آلِهة وهؤلاء اضلّونا وقرء بالياء اي كذّبوكم بقولهم { سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا... فَمَا يَسْتَطِيعُونَ } أي المعبودون وقرء بالتاء على خطاب العابدين { صَرْفًا } دفعاً للعذاب عنكم { وَلاَ نَصْرًا } فيعينكم عليه { وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا } وهو النار.
{ (20) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى الأَسْوَاقِ } جواب لقولهم{ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ } [الفرقان:ى7] في المجمع عن عليّ عليه السلام انّه قرء يمشّون بضم الياء وبفتح الشين المشدّدة اي يمشيهم حوائجهم او الناس { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ } ايّها النّاس { لِبَعْضٍ فِتْنَةً } ابتلاء ومن ذلك ابتلاء الفقراء بالأغنياء والمرسلين بالمرسل اليهم ومناصبتهم لهم العداوة وايذاؤهم لهم وهو تسلية للنبيّ صلى الله عليه وآله على ما قالوه بعد نقضهم { أَتَصْبِرُونَ } علّة للجعل اي لنعلم ايّكم يصبر وحثّ على الصبر على ما افتتنوا به { وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا } بمن يصبر ولا يصبر.
{ (21) وَقالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } بالخير لكفرهم بالبعث واصل اللّقاء الوصول { لَوْلاَ } هلاّ { أُنْزِلَ عَلَيْنَا المَلاَئِكَةُ } فيخبرونا بصدق محمد او يكونون رسلاً إلينا { أوْ نَرَى رَبَّنَا } فيأمرنا بتصديقه واتّباعه { لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِى أَنْفُسِهِمْ } في شأنها { وَعَتَوْا } وتجاوزوا الحدّ في الظلم { عُتُوًّا كَبِيرًا } بالغاً أَقصى مراتبه حيث عاينوا المعجزات القاهرة فأعرضوا عنها وَاقْتَرَحُوا لأَنْفُسِهِمْ الخبيثة ما سدّت دونه مطامح النفوس القدسيّة.