الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ } * { وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } * { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ }

{ (42) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ }

{ (43) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ }

{ (44) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ } تسلية للنبي صلّى الله عليه وآله { وَكُذَّبَ مُوسَى } قيل غيّر فيه النّظم لأنّ قومه لم يكذّبوه وانّما كذّبه القبط ولأنّ تكذيبه كان اشنع وآياته كانت اعظم واشيع { فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ } فأمهلتهم حتّى انصرمت آجالهم المقدّرة { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } انكاري عليهم بتغيّر النعمة محنة والحياة هلاكاً والعمارة خراباً.

{ (45) فَكَأَيِّنْ مِن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } باهلاك اهلها وقرء اهلكتها { وَهِيَ ظالِمَةٌ } اي اهلها { فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِهَا } ساقطة حيطانها على سقوفها { وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ } لا يستقي منها الهلاك اهلها { وَقَصْرٍ مَشِيدٍ } مرتفع اخليناه عن ساكنيه.

في المجمع وفي تفسير اهل البيت عليهم السلام في قوله وبئر معطّلةٍ اي وكم من عالم لا يرجع اليه ولا ينتفع بعلمه.

وفي الاكمال والمعاني وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام البئر المعطّلة الإمام الصّامت والقصر المشيد الامام الناطق.

اَقولُ: انّما كنّى عن الإِمام الصامت بالبئر لأنّه منبع العلم الذي هو سبب حياة الأرواح مع خفائة الاّ على من اتاه كما انّ البئر منبع الماء الّذي هو سبب حياة الأبدان مع خفائها الاّ على من اتاها وكنّى عن صمته بالتعطيل لعدم الانتفاع بعلمه وكنّى عن الامام الناطق بالقصر المشيد لظهوره وعلوّ منصبه واشادة ذكره.

وفي المعاني مقطوعاً امير المؤمنين هو القصر المشيد والبئر المعطّلة فاطمة وولدها معطّلين من الملك.

والقمّي قال هو مثل لآل محمّد صلوات الله عليهم وبئر معطّلة هو الذي لا يستقي منها وهو الامام الّذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم الى وقت ظهوره والقصر المشيد هو المرتفع وهو مثل لأمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام وفضائلهم المنتشرة في العالمين المشرقة على الدّنيا وهو قولهلِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } [التوبة: 33، الفتح: 28، الصف: 9] وقال الشّاعر.
بئر معطّلة وقصر مشرف   مثل لآل محمّد مستظرف
فالقصر مجدهم الّذي لا يرتقي   والبئر علمهم الذي لا ينزف
{ (46) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ } قيل حيث لهم على ان يسافروا ليروا مصارع المهلكين فيعتبروا.

وفي الخصال عن الصّادق عليه السلام معناه اولَم ينظروا في القرآن { فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا } ما يجب ان يعقل { أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } ما يجب ان يسمع { فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصارُ وَلكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } عن الاعتبار اي ليس الخلل في مشاعرهم وانّما أنفت عقولهم باتّباع الهوى والإِنهماك في التقليد.

في التوحيد والخصال عن السجاد عليه السلام انّ للعبد اربع اَعين عينان يبصر بهما امر دينه ودنياه وعينان يبصر بهما امر آخرته فاذا اراد الله بعبد خيراً فتح له العينين اللّتين في قلبه فأبصر بهما الغيب وامر آخرته واذا اراد الله به غير ذلك ترك القلب بما فيه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انّما شيعتنا اَصحاب الأربعة الأعين عينان في الرّأس وعينان في القلب الا وانّ الخلائق كلّ‍هم كذلك الاّ انّ الله عزّ وجلّ فتح ابصاركم واعمى ابصارهم.

وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام انّما العمى عمى القلب ثم تلا الآية.