الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } * { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } * { أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ }

{ (28) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِم وَما خَلْفَهُمْ } ولا يخفى عليه خافية ممّا قدّموا واخّروا وهو كالعلّة لما قبله والتمهيد لم بعده فانّهم لاحاطتهم بذلك يضبطون انفسهم ويراقبون احوالهم { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَى }

في العيون عن الرّضا عليه السلام الاّ لمن ارتضى الله دينه.

وفي الخصال عن الصادق عليه السلام واصحاب الحدود فسّاقٌ لا مؤمنون ولا كافرون لا يخلّدون في النّار ويخرجون منها يوماً والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين اذا ارتضى الله دينهم.

وفي التّوحيد عن الكاظم عن ابيه عن آبائه عن رسول الله صلوات الله عليه وعليهم قال انّما شفاعتي لأهل الكباير من امّتي فامّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل قيل يابن رسول الله صلّى الله عليه وآله كيف يكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول ولا يشفعون الاّ لمن ارتضى ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى فقال ما من مؤمن يرتكب ذنباً الاّ سائه ذلك وندم عليه.

وقال النّبي صلّى الله عليه وآله كفى بالنّدم توبة وقال من سرّته حسنة وساءته سيّئة فهو مؤمن فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالماً والله تعالى ذكره يقولمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } [غافر: 18] فقيل له يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمناً من لم يندم على ذنب يرتكبه فقال ما من احد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم انه سيعاقبه عليها الاّ ندم على ما ارتكب ومتى ندم كان تائباً مستحقّاً للشفاعة ومتى لم يندم عليها كان مصرّاً والمصرّ لا يغفر له لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمناً بالعقوبة لندم وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وآله لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار وامّا قول الله عزّ وجلّ ولا يشفعون الاّ لمن ارتضى فانّهم لا يشفعون الاّ لمن ارتضى الله دينه والدين الاقرار بالجزاء على الحسنات السيئات فمن ارتضى دينه ندم عل ما ارتكبه من الذّنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة { وَهُم مِنْ خَشْيَتِهِ } من عظمته ومهابته { مُشْفِقُونَ } مرتعدون واصل الخشية خوف مع تعظيم ولذلك خصّ بها العلماء والاشفاق خوف مع اعتناء فان عدّى بمن فمعنى الخوف فيه اظهر عدّى بعلى فبالعكس.

{ (29) وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ } من الملائكة او من الخلايق { إِنّي إِلهٌ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ } قيل يريد به نفي الرّبوبيّة وادّعاء نفي ذلك عن المخلوق وتهديد المشركين بتهديد مدّعي الرّبوبيّة.

والقمّي قال من زعم انّه امام وليس بامام.

أقول: لعلّ هذا التأويل وذاك التَّفسير { كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }

{ (30) أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا } اولم يعلموا وقرء بغير واو { أَنَّ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا }

في الكافي عن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال فلعلّك تزعم انّهما كانتا رتقاً ملتزقتان ملتصقتان ففتقت احداهما من الاخرى فقال نعم فقال عليه السلام استغفر ربّك فانّ قول الله عزّ وجلّ كانتا رتقاً يقول كانت السّماء رتقاً لا تنزل المطر وكانت الارض رتقاً لا تنبت الحبّ فلمّا خلق الله الخلق وبثّ فيها من كلّ دابّة فتق السّماء بالمطر والارض بنبات الحبّ فقال السّائل اشهد انّك من ولد الانبياء وانّ عليك علمهم.

السابقالتالي
2