الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }

{ (93) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيْثَاقَكُمْ }: واذكروا إذ أخذنا ميثاق أسلافكم { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ }: فعلنا بهم ذلك لما أبوا من قبول ما جاءهم به موسى من دين الله وأحكامه وفرض تعظيم محمد وآله { خُذُوا } قلنا لهم خذوا { مَا آتَيْنَاكُمْ } ما أَعطيناكم من الفرائض { بِقُوَّةٍ } قد أعطينا كموها ومكنّاكم بها وأزحنا عللكم في تركيبها فيكم { وَاسْمَعُوا } ما يقال لكم وتؤمرون به { قَالوا سَمِعْنَا } قولك { وَعَصيْنَا } أمرك أي أنهم عصوا بعد واضمروا في الحال ايضاً العصيان قالوا سمعنا بآذاننا وعصينا بقلوبنا فاما في الظاهر فاعطوا كلهم الطاعة داخرين صاغرين { وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ } أُمروا بشرب العجل الذي كان قد ذرّيت سحالته في الماء الذي امروا بشربه ليتبين من عبده ممن لم يعبده كما مرّ في تفسير قوله تعالى: فاقتلوا أنفسكم قال عليه السلام: عرضوا لشرب العجل الذي عبدوه حتى وصل ما شربوه من ذلك إلى قلوبهم { بِكُفْرِهِمْ } لأجل كفرهم امروا بذلك.

أقول: لا تنافي بين هذا التفسير وما هو المشهور في تفسير الآية وهو ان معناه تداخلهم حبه ورسخ في قلوبهم صورته لفرط شغفهم به كا يتداخل الصّبع الثوب والشراب أعماق البدن لجواز الجمع بين الأمرين وان يكون الشرب ظاهراً سبباً للحب باطناً وفي قلوبهم بيان لمكان الأشراب كقوله: إنما يأكلون في بطونهم ناراً.

والعياشي عن الباقر عليه السلام قال: لما ناجى موسى ربه أوحى الله تعالى إليه أن يا موسى قد فتنت قومك قال بماذا يا رب؟ قال بالسامري قال وما السامري قال قد صاغ لهم من حليهم عجلاً قال: يا رب أن حليّهم لا يحتمل أن يصاغ منه غزال أو تمثال أو عجل فكيف فتنتهم؟ قال: انه صاغ لهم عجلاً فخار قال: يا رب ومن اخاره قال: انا فقال: عندها موسى إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء قال: فلمّا انتهى موسى إلى قومه ورآهم يعبدون العجل ألقى الألواح من يده فكسرت.

قال أبو جعفر عليه السلام: كان ينبغي أن يكون ذلك عند أخبار الله تعالى إياه قال: فعمد موسى فبرد العجل من انفه إلى طرف ذنبه ثم أحرقه بالنار فذرّه في اليمّ قال: فكان أحدهم ليقع في الماء وما به إليه من حاجة فيتعرض بذلك الرماد فيشربه وهو قول الله: { واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم }.

أقول: وعلى هذه الرواية يشبه أن يكون حبّهم للعجل صار سبباً لشربهم إياه بالعكس مما مر.

{ قُلْ بِئْسَ مَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيْمَانُكُمْ } بموسى والتوراة ان تكفروا بي { إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ } كما تزعمون بموسى والتوراة ولكن معاذ الله لا يأمركم إيمانكم بموسى والتوراة الكفر بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم.

السابقالتالي
2