الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } * { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

{ (88) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ }: أي أوعية للخير والعلوم قد أحاطت بها واشتملت عليها ثم هي مع ذلك لا نعرف لك يا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم فضلاً مذكوراً في شيء من كتب الله ولا على لسان أحد من أنبياء الله فرد الله عليهم بقوله: { بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ } أبعدهم من الخير { فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ } يعني فإيماناً قليلاً يؤمنون ببعض ما أنزل الله ويكفرون ببعض قال عليه السلام: وإذا قرئ غلف فإنهم قالوا قلوبنا في غطاء فلا نفهم كلامك وحديثك كما قال الله تعالىوَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } [فصلت: 5]، قال: وكلتا القراءتين حق وقد قالوا بهذا وهذا جميعاً.

{ (89) وَلَمّا جَاءَهُمْ } يعني اليهود { كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ } القرآن { مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ } من التوراة التي بيّن فيها أن محمداً الأميّ من ولد إسماعيل المؤيّد بخير خلق الله بعده علي ولي الله { وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ } ان ظهر محمد بالرسالة { يَسْتَفْتِحُونَ } يسألون الله الفتح والظفر { عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا } من أعدائهم وكان الله يفتح لهم وينصرهم { فَلَمّا جَاءَهُمْ مّا عَرَفُوا } من نعت محمد وصفته { كَفَرُوا بِهِ } جحدوا نبوّته حسداً له وبغياً عليه { فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }.

في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أنه قال: في هذه الآية كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد صلّى الله عليه وآله وسلم ما بين عَيْر وأُحُد فَخَرَجُوا يطلبون الموضع فمروا بجبل يسمى جُبَيْل وبجبل يسمى حِدَاد فقالوا حداد واحد سواء فتفرّقوا عنده فنزل بعضهم بتيماء وبعضهم بفدك وبعضهم بخيبر فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم فمرّ بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه، وقال: أمر بكم ما بين عَيْر وأُحُد فقالوا له إذا مررت بهما فائدنا بهما فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم ذلك عَيْر وهذا أُحُد فنزلوا عن ظهر إبله وقالوا قد بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك فاذهب حيث شئت وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك وخيبر أنّا قد أصبنا الموضع فهلمّوا إلينا فكتبوا إليهم أنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال وما أقربنا منكم فلما كان ذلك فما اسرعنا إليكم فاتخذوا بأرض المدينة الأموال فلما كثرت أموالهم بلغ تبّع فغزاهم فتحصّنوا منه فحاصرهم وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبّع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير فبلغ ذلك تبّع فرقّ لهم وأمنهم فنزلوا إليه فقال لهم: إني قد استطبت بلادكم ولا أراني إلاَّ مقيماً فيكم فقالوا له إن ذاك ليس لك إنها مهاجر نبي وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك فقال لهم إني مخلّف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره فخلّف حيّين الأوس والخزرج فلمّا كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود وكانت اليهود تقول لهم: أما لو قد بعث الله فيكم محمداً لنخرجنكم من ديارنا وأموالنا فلما بعث الله محمداً صلّى الله عليه وآله وسلم آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود وهو قول الله عزّ وجلّ وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كَفَروا به فلعنة الله على الكافرين.

السابقالتالي
2 3