الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } * { فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ }

{ (62) إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله } وبما فرض عليهم الإيمان به { وَالَّذِينَ هَادُوا } اليهود { وَالنَّصَارَى } الذين زعموا أنهم في دين الله متناصرون.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام انهم من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام نزلها مريم وعيسى بعد رجوعهما من مصر.

{ وَالصَّابِئِينَ } الذين زعموا أنهم صَبَوْا إلى دين الله وهم كاذبون.

أقول: صَبَوْا أي مالوا إن لم يهمز وخرجوا ان قرئ بالهمزة.

والقمّي انهم ليسوا من أهل الكتاب ولكنهم يعبدون الكواكب والنجوم { مَنْ آمَنَ بِاللهِ والْيَومِ الآخِرِ } منهم ونزع عن كفره { وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ } في الآخرة حين يخاف الفاسقون { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } إذا حزن المخالفون.

{ (63) وَإِذْ أَخَذْنَا } واذكروا إذ أخذنا { مِيثَاقَكُم } عهودكم أن تعملوا بما في التوراة وما في القرآن الذي اعطيته موسى مع الكتاب وتقرّوا بما فيه من نبوة محمد صلّى الله عليه وآله ووصيه علي والطيبين من ذريتهما وان تؤدوه إلى أخلافكم قرناً بعد قرن فأبيتم قبول ذلك واستكبرتموه { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ } الجبل أمرنا جبرائيل أن يقلع من جبل فلسطين قطعة على قدر معسكر اسلافكم فرسخاً في فرسخ فقطعها وجاء بها فرفعها فوق رؤوسهم { خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم } قال لهم موسى اما أن تأخذوا بما امرتم به فيه واما ان القي عليكم هذا الجبل فالجأوا إلى قبوله كارهين الا من عصمه الله من العناد فانه قبله طائعاً مختاراً ثم لما قبلوه سجدوا وعفّروا وكثير منهم عفّر خدّيه لا لارادة الخضوع لله ولكن نظراً إلى الجبل هل يقع أم لا { بِقُوَّةٍ } من قلوبكم ومن أبدانكم.

في المحاسن والعياشي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الآية أقوّة في الأبدان أم قوة في القلوب فقال: فيهما جميعاً { وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ } من جزيل ثوابنا على قيامكم به وشديد عقابنا على إبائكم له.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام واذكروا ما في تركه من العقوبة { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } لتتقوا المخالفة الموجبة للعقاب فتستحقوا بذلك الثواب.

{ (64) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ } يعني تولى أسلافكم { مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ } عن القيام به والوفاء بما عوهدوا عليه { فَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } بامهالكم للتوبة وانظاركم للانابة { لَكُنتُم مِنَ الْخَاسِرِينَ } المغبونين.

{ (65) وَلَقْدْ عِلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ } لما اصطادوا السّموك فيه { فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِيْنَ } مبعدين عن كل خير.

{ (66) فَجَعَلْنَاهَا }: اي المسخة التي اخزيناهم ولعناهم بها.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام فجعلنا الأمة.

{ نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا } عقوبة لما بين يدي المسخة من ذنوبهم الموبقات التي استحقوا بها العقوبة وردعاً للذين شاهدوهم بعد مسخهم وللذين يسمعون بها من بعدها لكي يرتدعوا عن مثل افعالهم { وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } وسيأتي قصتهم في سورة الأعراف إنشاء الله.

السابقالتالي
2 3