الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ (54) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ }: واذكروا يا بني إِسرائيل إذ قال موسى لقومه عبدة العجل { يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ } أضررتم بها { بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إلى بارِئِكُمْ } الذي برأكم وصوركم قيل فاعزموا على التوبة والرجوع إلى من خلقكم { فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } يقتل بعضكم بعضاً يقتل من لم يعبد العجل من عبده { ذَلِكُمْ } ذلك القتل { خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ } لأنه كفّارتكم فهو خير من أن تعيشوا في الدنيا ثم تكونوا في النار خالدين { فَتَابَ عَلَيْكُمْ إنّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } قَبِل توبتكم قبل استيفاء القتل لجماعتكم وقبل اتيانه على كافتكم وأمهلكم للتوبة واستبقاكم للطاعة وذلك أن موسى لما أبطل الله على يديه أمر العجل فأنطقه بالخبر عن تمويه السامري وأمر موسى عليه السلام أن يقتل من لم يعبده من عبده تبرأ أكثرهم وقالوا لم نعبد وَوَشى بعضهم ببعض فقال الله عزّ وجلّ لموسى عليه السلام: ابرد هذا العجل المذهب بالحديد برداً ثم ذرّه في البحر فمن شرب ماءه اسودّ شفتاه وانفه ان كان أبيض اللون وابيضتا ان كان اسود وبان ذنبه ففعل فبان العابدون فأمر الله الاثني عشر ألفاً أن يخرجوا على الباقين شاهرين السيوف ويقتلوهم ونادى مناديه الا لعن الله أحداً اتّقاهم بيد او رجل ولعن الله من تأمل المقتول لعله تبينه حميماً أوقريباً فيتعداه إلى الأجنبي فاستسلم المقتولون فقال القاتلون نحن أعظم مصيبة منهم نقتل بأيدينا آباءنا وابناءنا واخواننا وقراباتنا ونحن لم نعبد فقد ساوى بيننا وبينهم في المصيبة فأوحى الله إلى موسى يا موسى إني إنما امتحنتهم بذلك لأنهم ما اعتزلوهم لما عبدوا العجل ولم يهجروهم ولم يعاودوهم على ذلك قل لهم من دَعَا الله بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم وآله الطاهرين الطيبين يسهل عليه قتل المستحقين للقتل بذنوبهم فقالوها فسهّل عليهم ولم يجدوا لقتلهم ألماً فلما استحر القتل فيهم وهم ستماءة ألف الا اثني عشر ألفاً وقف الله الذين عبدوا العجل بمثل هذا التوسل بهم واستغفروا لذنوبهم فأزال الله القتل عنهم.

والقمّي إن موسى لما رجع من الميقات وقد عبد قومه العجل قال لهم بعد الغضب عليهم والعتب لهم توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم قالوا وكيف نقتل أنفسنا قال لهم ليعد كل واحد منكم إلى بيت المقدس ومعه سيف أو سكين فاذا صعدت المنبر تكونوا أنتم متلثّمين لا يعرف أحدكم صاحبه فاقتلوا بعضكم بعضاً فاجتمع الذين عبدوا العجل وكانوا سبعين الفاً فلما صلّى بهم موسى عليه السلام وصعد المنبر أقيل بعضهم يقتل بعضاً حتى نزل الوحي قل لهم يا موسى ارفعوا القتل فقد تاب الله عليكم وكان قد قتل منهم عشرة آلاف.

السابقالتالي
2