الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُولَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

{ (37) فَتَلَقّىَ آدَمُ مِنْ رَبِهِ كَلِمَاتٍ } يقولها فقالها وقرئ بنصب آدم ورفع كلمات { فَتَابَ عَلَيْهِ بها إنّهُ هُوَ التَّوَّابُ } الكثير القبول للتوبة { الرَّحِيمُ } بالتائبين.

أقول: التوبة بمعنى الرجوع والإنابة فاذا نسبت إلى الله تعالى تعدت بعلى وإذا نسبت إلى العبد تعدت بإلى ولعل الأول لتضمين معنى الاشفاق والعطف ومعنى التوبة من العبد رجوعه إلى الله بالطاعة والانقياد بعدما عصى وعتا ومعناها من الله رجوعه بالعطف على عبده بإلهامه التوبة أولاً ثم قبوله إيّاها منه آخراً فلله توبتان وللعبد واحدة بينهما قال الله:ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ } [التوبة: 118] أي ألهمهم التوبة ليرجعوا ثم إذا رجعوا قبل توبتهم لأنه هو التواب الرحيم ولهذه الآية معنى آخر يأتي في سورة التوبة ان شاء الله.

وفي الكافي عن أحدهما عليهما السلام أن الكلمات (لا إلهَ إلاّ أنْتَ سُبْحانَكَ اللّهُمّ وَبِحَمْدِك عملت سوءً وظلمت نفسي فاغفر لي وأنت خير الغافرين لا إله إلاّ أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءً وظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني إنك أنت أرحم الراحمين لا إله إلاّ أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءً وظلمت نفسي فتب عليّ إنّك التواب الرحيم) وفي رواية: (بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين)، وفي أخرى: بحق محمد وآل محمد صلّى الله عليه وآله وسلم.

وفي تفسير الإِمام " ع " لما زلت من آدم الخطيئة واعتذر إلى ربه عز وجل قال: يا رب تب عليّ واقبل معذرتي واعدني إلى مرتبتي وارفع لديك درجتي فلقد تبين نقص الخطيئة وذلها بأعضائي وسائر بدني قال الله تعالى: يا آدم أما تذكر امري إيّاك بأن تدعوني بمحمد وآله الطّيبين عند شدائدك ودواهيك وفي النّوازل التي تبهظك.

قال آدم: يا رب بلى، قال الله عز وجل: فبهم بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين خصوصاً فادعني أجبك إلى ملتمسك وأزدك فوق مرادك. فقال آدم: يا رب إلهي وقد بلغ عندك من محلهم لأنّك بالتوسل بهم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي وانا الذي اسجدت له ملائكتك وابحته جنّتك وزوّجته حواء امَتَكَ وأخدمته كرام ملائكتك. قال الله تعالى: يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك بالسجود لك إذ كنت وعاء هذه الأنوار ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها وأن أفّطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منها لكنت قد جعلت ذلك ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقاً لعلمي فالآن فبهم فادعني لأجيبك فعند ذلك قال آدم: اللهم بجاه محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والطّيبين من آلهم لما تفضّلت بقبول توبتي وغفران زلتي وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي قال الله عز وجل: قد قبلت توبتك وأقبلت برضواني عليك وصرفت آلائي ونعمائي إليك وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي ووفرت نصيبك من رحماتي فذلك قوله عز وجل { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التّواب الرّحيم }.

السابقالتالي
2 3