الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلْمَنِّ وَٱلأَذَىٰ كَٱلَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰلَهُمُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَٱحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

{ (264) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى }

العياشي عنهما عليهما السلام نزلت في عثمان وجرت في معاوية وأتباعهما.

وعن الباقر عليه السلام بالمنّ والأذى لمحمد وآل محمد قال هذا تأويله.

{ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ } لا يريد به رضاء الله ولا ثواب الآخرة { فَمَثَلُهُ } في انفاقه { كَمَثَلِ صَفْوَانٍ } حجر أملس { عَلَيْهِ تُرابٌ فأصَابَهُ وَابِلٌ } مطر عظيم القطر { فَتَرَكَهُ صَلْداً } أملس نقياً من التراب { لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوا } لا ينتفعون بما فعلوه ولا يجدون ثوابه { وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الْكَافِرِينَ } إلى الخير والرشاد وفيه تعريض بأنّ الرياء والمنّ والأذى على الانفاق من صفة الكفّار ولا بدّ للمؤمن أن يتجنّب عنها.

{ (265) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ } القمّي عن المنّ والأذى.

أقول: يعني يوطّنون أنفسهم على حفظ هذه الطاعة وترك اتباعها مما يفسدها من المنّ والأذى والسمعة والرياء والعجب ونحوها بعد اتيانهم بها ابتغاء مرضات الله.

العياشي عن الباقر عليه السلام انها نزلت في عليّ عليه السلام.

{ كَمَثَلِ جَنَّةٍ } أي مثل نفقتهم في الزكاة كمثل بستان { بِرَبْوَةٍ } أي في موضع مرتفع فان شجرة يكون أحسن منظراً وأزكى ثمراً وأمنع من أن يفسده السيل بالوابل ونحوه { أصابَهَا وَابِلٌ فَأَتَتْ أُكُلَهَا } ثمرتها وقرئ بالتخفيف ثمرتها { ضِعْفَيْنِ } مثلي ما كانت تثمر بسبب الوابل.

في المجمع عن الصادق عليه السلام معناه يتضاعف ثمرتها كما يتضاعف أجر من أنفق ماله ابتغاء مرضات الله { فَإِن لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ } فمطر صغير القطر يكفيها لكرم منبتها والطل يقال لما يقع بالليل على الشجر والنبات، قيل إن المعنى ان نفقات هؤلاء زاكية عند الله تعالى لا تضيع بحال وإن كانت تتفاوت باعتبار ما ينضم إليها من الأحوال ويجوز أن يكون التمثيل لحالهم عند الله تعالى بالجنة على الربوة ونفقاتهم الكثيرة والقليلة الزائدتين في زلفاهم بالوابل والطل { وَاللهُ بَمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } تحذير عن رياء وترغيب في الاخلاص.

{ (266) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ } الهمزة فيه للانكار { أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ } جعل الجنة مع ما فيها من سائر الأشجار تغليباً لها لشرفهما وكثرة منافعهما ثم ذكر أن فيها من كل الثمرات ليدل على احتوائها على سائر أنواع الأشجار ويجوز أن يكون المراد بالثمرات المنافع { وَأَصابَهُ الْكِبَرُ } أي كبر السن فان الفاقة والغالة في الشيخوخة أصعب { وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ } صغار لا قدرة لهم على الكسب { فَأَصَابَهَا إعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ } الأعصار ريح عاصف ينعكس من الأرض إلى السماء مستديرة كعمود.

القمّي عن الصادق عليه السلام من أنفق ماله ابتغاء مرضات الله ثم امتن على من تصدّق عليه كمن كان له جنّة كثيرة الثمار وهو شيخ ضعيف له أولاد صغار ضعفاء فتجيء ريح أو نار فتحرق ماله كله { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } فيها فتعتبرون بها.

السابقالتالي
2