الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ } * { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ }

{ (253) تِلْكَ الرُّسُلُ } إشارة إلى الجماعة المذكورة قصصها في السورة { فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره { مِنْهُم مَن كَلّمَ اللهُ } من غير سفير كموسى عليه السلام ليلة الحيرة في الطور ومحمد صلّى الله عليه وآله ليلة المعراج حين كان قاب قوسين أو أدنى وبينهما بون بعيد { وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } بأن فضّله على غيره من وجوه متعددة وبمراتب متباعدة فمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم حيث أوتي ما لم يؤت أحد من المعجزات المرتقية غلى الألف وأكثر وبعث إلى الجن والإنس وخصّ بالمعجزة القائمة إلى يوم القيامة.

وفي العيون عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم " ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أكرم عليه مني، قال عليّ صلوات الله عليه فقلت يا رسول الله أفأنت أفضل أم جبرائيل فقال إن الله تعالى فضّل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقرّبين وفضّلني على جميع النبيين والمرسلين والفضل بعدي لك يا علي والأئمة من بعدك وإن الملائكة لخدامنا وخدّام محبينا ".

{ وَآتَيْنَا عِيسَىَ ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ } كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص { وَأَيّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } جبرائيل كما مر في تفسير الإمام عليه السلام { وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ } من بعد الرسل { مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ } المعجزات الواضحات لاختلافهم في الدين وتفضيل بعضهم بعضاً { وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَنْ آمَنَ } بالتزام دين الأنبياء { وَمِنْهُم مَن كَفَرَ } لإِعراضه عنه { وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا } كرره للتأكيد { وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } من الخذلان والعصمة عدلاً وفضلاً.

في الكافي عن الباقر عليه السلام وفي هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله وسلم قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر.

والعياشي سئل عن أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل كبر القوم وكبّرنا وهلل القوم وهللنا وصلّى القوم وصلّينا فعلى مَا نقاتلهم فتلا هذه الآية ثم قال نحن الذين من بعدهم وقال فنحن الذين آمنّا وهم الذين كفروا.

وفي رواية قال فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله عز وجل وبالنبي صلّى الله عليه وآله وسلم وبالكتاب وبالحق فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا وشاء الله قتالهم بمشيئته وإرادته.

{ (254( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمّا رَزَقْنَاكُم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ } وقرئ بالفتح فيها اجمع أي من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون على تدارك ما فرطتم والخلاص من عذابه إذ لا بيع فيه فتحصّلون ما تنفقونه وتفتدون به من العذاب ولا خلة حتى يعينكم عليه اخلاّؤكم أو يسامحونكم به لأن الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين ولكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه ولا شفاعة إلا لمن أذن له الرحمن ورضي له قولاً حتى تتكلموا على شفعاء تشفع لكم في حط ما في ذممكم ويحتمل أن يكون المراد به يوم الموت كما مرّ في قوله عز وجل واتّقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً وهو اظهر { وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ } حيث بلغ ظلمهم بأنفسهم الغاية وبلغ حرمانهم هذه الأمور النهاية وهذا كما يقال فلان هو الفقيه في البلد يراد تقدّمه على غيره.

السابقالتالي
2 3