الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلْجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّيۤ إِلاَّ مَنِ ٱغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا ٱلْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } * { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ }

{ (249) فَلَمّا فَصَل طَالُوتُ بِالْجُنُودِ } انفصل بهم عن بلده لقتال العمالقة وأصله فصل نفسه عنه ولكن لما كثر حذف مفعوله صار كاللازم { قَالَ إنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ } مختبركم { بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي } فليس من جملتي واشياعي { وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ } لم يذقه { فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } استثناء من قوله فمن شرب منه ومعناه الرخصة في اغتراف الغرفة باليد وقرئ غرفة بالفتح { فَشَرِبُوا منْهُ إلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ } الا ثلاث ماءة وثلاثة عشر رجلاً منهم من اغترف ومنهم من لم يشرب كذا في الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام.

وروي أن من اقتصر على الغرفة كفته لشربه وأدواته ومن لم يقتصر غلب عطشه واسودّت شفته ولم يقدر أن يمضي وهكذا الدنيا لقاصد الآخرة.

{ فَلَمّا جَاوَزَهُ هُوَ } تخطّى النهر طالوت { وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ } يعني القليل من أصحابه ورأوا كثرة عدد جنود جالوت { قَالوا } قال الذين اغترفوا { لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ } الذين كانو يتيقّنون { أَنّهُمْ مُلاقُوا اللهِ } وهم الذين لم يغترفوا { كَم مِن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }.

{ (250) وَلَمَّا بَرَزوا لِجَالوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }.

{ (251) فَهَزَمُوهُمْ بإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلّمَهُ مِمّا يَشَاءُ } القمّي عن الرضا عليه السلام أوحى الله إلى نبيهم أن جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى عليه السلام وهو رجل من ولد ولاوي بن يعقوب اسمه داود بن اشي وكان اشي راعياً وكان له عشر بنين أصغرهم داود فلما بعث طالوت إلى بني إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى أشي ان احضر واحضر ولدك فلما حضروا دعا واحداً بعد واحد من ولده فالبسه الدرع درع موسى فمنهم من طالت عليه ومنهم من قصرت عنه فقال لاشي هل خلّفت من ولدك أحداً قال نعم أصغرهم تركته في الغنم راعياً فبعث إليه فجاء به فلما دعا أقبل ومعه مقلاع قال فناداه ثلاث صخرات في طريقه فقالت يا داود خذنا فأخذها في مخلاته وكان شديد البطش قوياً في بدنه شجاعاً فلما جاء إلى طالوت البسه درع موسى فاستوت عليه ففصل طالوت بالجنود وقال لهم نبيهم يا بني إسرائيل ان الله مبتليكم بنهر في هذه المفازة فمن شرب منه فليس من حزب الله ومن لم يشرب فهو من حزب الله إلا من اغترف غرفة بيده فلما وردوا النهر اطلق الله لهم أن يغترف كل واحد منهم غرفة فشربوا منه إلا قليلاً منهم فالذين شربوا منه كانوا ستين ألفاً وهذا امتحان امتحنوا به كما قال الله عز وجل.

السابقالتالي
2