الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } * { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ (215) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ } أي شيء ينفق { قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ } من مال { فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السّبِيلِ } سئل عن المنفق فاجيب ببيان المصرف لأنه أهم إذ النفقة لا تعتد بها إذا وقعت موقعها قيل وكان السؤال متضمناً للمصرف أيضاً وإن لم يكن مذكوراً في الآية على ما روي أن عمرو بن الجمُوح الأنصاري كان هِماً ذا مال عظيم فقال يا رسول الله ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها فنزلت { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ } ان تفعلوا خيراً فان الله يعلم كنهه ويوفّي ثوابه.

{ (216) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ } شاق عليكم مكروه طبعاً { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً } في الحال { وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } في العاقبة وهكذا أكثر ما كلفوا به فان الطبع يكرهه وهو مناط صلاحهم وسبب فلاحهم { وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً } في الحال { وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ } في العاقبة وهكذا أكثر ما نهوا عنه فان النفس تحبّه وتهواه وهو يفضي بها إلى الردى وإنما ذكر عسى لأن النفس إذا ارتاضت ينعكس الأمر عليها { وَاللهُ يَعْلَمُ } ما هو خيرٌ لكم { وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } ذلك.

{ (217) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فيهِ } قيل بعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلم عبد الرحمن بن جحش ابن عمته على سرية في جمادى الآخرى قبل قتال بدر بشهرين ليترصد عيرا لقريش فيهم عمرو بن عبد الله الحضرمي وثلاثة معه فقتلوه واسروا إثنين واستاقوا العير وفيها تجارة الطائف وكان ذلك في غرة رجب وهم يظنونه من جمادى الآخرى فقالت قريش قد استحل محمد صلّى الله عليه وآله وسلم الشهر الحرام شهراً يأمن فيه الخائف ويذعر فيه الناس إلى معايشهم وشق على أصحاب السرية وقالوا ما نبرح حتى تنزل توبتنا ورد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مال العير والأسارى فنزلت.

والقمّي ما يقرب منه مع زيادات في آخره فكتب قريش إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم إنك استحللت الشهر الحرام وسفكت فيه الدم وأخذت المال وكثر القول في هذا قال الصحابة يا رسول الله أيحل القتل في الشهر الحرام فنزلت { قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } عظيم تم الكلام هاهنا ثم ابتدأ وقال { وصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ } يعني ولكن ما فعلوه من صدهم عن سبيل الله أي الإِسلام { وَكُفْرٌ بِهِ } وكفرهم بالله { وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } وبالمسجد الحرام على تقدير الباء أو صدهم عن المسجد الحرام على أن يكون الكفر بالله عين الصد عن سبيل الله فلا يكون أجنبياً بين المعطوفين أو يكون تقديمه مع أن حقه التأخير لفرط العناية به كما في قوله تعالى

السابقالتالي
2