الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَٱلآنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

{ (187) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ } أي الليلة التي تصبح منها صائماً { الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُمْ } كنى به عن الجماع لأنه قلّما يخلو عن رفث وهو الافصاح بما يجب أن يكنّى عنه وعدّى بالى لتضمنّه معنى الإِفضاء { هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ } استيناف يبين سبب الاحلال وهو قلّة الصبر عنهن وصعوبة اجتنابهن لكثرة المخالثة وشدة الملابسة { عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ } من الخيانة كالاكتساب من الكسب وهو أبلغ منها أي تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب { فَتَابَ عَلَيْكُمْ } لما تبتم ورخّص لكم وأزال التشديد عنكم { وَعَفَا عَنْكُمْ } محى أثره عنكم { فاْلآنَ بَاشِرُوهُنَّ } كنى بالمباشرة عن الجماع وهي الصاق البشرة بالبشرة { وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا } قيل يعني اطلبوا ما قدر لكم وأثبته في اللوح من الولد بالمباشرة أي لا تباشروا لقضاء الشهوة وحدها ولكن لابتغاء ما وضع الله النكاح له من التناسل وقيل وابتغوا ما كتب الله لكم من الإباحة بعد الحظر فان الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب ان يؤخذ بعزائمه { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } شبّه أوّل ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق وما يمتد معه من ظلمة الليل بخيطين أبيض وأسود واكتفى ببيان الخيط الأبيض بقوله من الفجر عن بيان الخيط الأسود لدلالته عليه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام هو بياض النهار من سواد الليل.

وفي رواية: هو الفجر الذي لا شك فيه وفي أخرى ليس هو الأبيض صعداء إن الله لم يجعل خلقه في شبهة من هذا وتلا هذه الآية فقال المعترض.

وفي التهذيب عنه أنه سئل آكل في شهر رمضان بالليل حتى أشك قال كل حتى لا تشك.

وفيه وفي الكافي والعياشي عنه عليه السلام أنه سئل عن رجلين قاما في رمضان فقال أحدهما هذا الفجر وقال الآخر ما أرى شيئاً قال ليأكل الذي لم يستيقن الفجر وقد حرم الأكل على الذي زعم أنه رأى الفجر لأن الله يقول: { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم } الآية.

وفي الكافي والفقيه والعياشي عن الصادق عليه السلام أنها نزلت في خوّات بن جبير الأنصاري وكان مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في الخندق وهو صائم فأمسى وهو على تلك الحال وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام والشراب فجاء خوّات إلى أهله حين أمسى فقال هل عندكم طعام فقالوا لا تنم حتى نصلح لك طعاماً فاتّكى فنام فقالوا له قد فعلت فقال نعم فبات على تلك الحال فأصبح ثم غدا إلىالخندق فجعل يغشى عليه فمرّ به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره فأنزل الله فيه الآية، وزاد القمّي فيما زاد وكان النكاح حراماً بالليل والنهار وفي شهر رمضان قال وكان قوم من الشبّان ينكحون بالليل في شهر رمضان فأنزل الله، في الجوامع عن الصادق عليه السلام قال كان الأكل محرماً في شهر رمضان بالليل بعد النوم وكان النكاح حراماً بالليل والنهار وكان رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقال له مطعم بن جبير نام قبل أن يفطر وحضر حفر الخندق فأغمي عليه وكان قوم من الشبان ينكحون بالليل سراً في شهر رمضان فنزلت الآية فأحلّ النكاح بالليل والأكل بعد النوم فذلك قوله وعفا عنكم.

السابقالتالي
2