الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ (183) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } العياشي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية وعن قوله سبحانه كتب عليكم القتال فقال هذه كلها يجمع الضلال والمنافقين وكل من أقرّ بالدعوة الظاهرة.

وفي المجمع عنه عليه السلام قال لذة النداء أزال تعب العبادة والعناء { كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } من الأنبياء والأمم، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أن أولهم آدم يعني أنه عبادة قديمة ما أخلى الله أمة من ايجابها عليهم لم يوحيها عليكم وحدكم وفيه ترغيب على الفعل وتطييب عن النفس { لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ } المعاصي فان الصيام يكسر الشهوة التي هي معظم أسبابها وفي الحديث " من لم يستطع الباه فليصم فان الصوم له وجاء ".

{ (184) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ } قيل أي قلائل فان القليل يعد عداً والكثير يهال هيلاً أو موقتات بعدد معلوم { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً } مرضاً يضره الصوم ويعسر كما يدل عليه قوله تعالى:وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ } [البقرة: 185] { أَوْ عَلَى سَفَرٍ } راكب سفر { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } فعليه عدة من أيام أُخر وهذا نص في وجوب الافطار على المريض والمسافر كما ورد عن أئمتنا عليهم السلام في أخبار كثيرة حتى قالوا الصائم شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر رواه في الكافي والتهذيب والفقيه وفي الثلاثة في حديث الزهري عن السجاد من صام في السفر أو المرض فعليه القضاء لأن الله تعالى يقول فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام أُخر، وعن الباقر عليه السلام قال سمى رسول الله صلّى الله عليه وآله قوماً صاموا حين افطر وقصر عصاة قال وهم العصاة إلى يوم القيامة وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبناءهم إلى يومنا هذا.

وعن الصادق عليه السلام أنه سئل عمن صام في السفر فقال إذا كان بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك فعليه القضاء وإن لم يكن بلغه فلا شيء عليه.

وفي رواية اخرى وإن صامه بجهالة لم يقض، وعنه عليه السلام أنه سئل ما حد المرض الذي يفطر فيه الرجل ويدع الصلاة من قيام قال بل الإنسان على نفسه بصيرة وهو أعلم بما يطيقه.

وفي الكافي عنه عليه السلام هو مؤتمن عليه مفوّض اليه فان وجد ضعفاً فليفطر وإن وجد قوة فليصم كان المريض على ما كان.

وفيه أنه عليه السلام سئل عن حد المرض الذي يترك منه الصوم قال إذا لم يستطع أن يتسحّر.

وفي الفقيه عنه عليه السلام الصائم إذا خاف على عينيه من الرمد أفطر، وعنه عليه السلام كلما أضر به الصوم فالافطار له واجب واما حدّ السفر الذي يفطر فيه فقصد ثمانية فراسخ فصاعداً ذهاباً أو مع الإِياب ما لم ينقطع سفره دونها بعزم إقامة عشرة أيام أو مضي ثلاثين يوماً عليه متردداً في بلد أو بالوصول إلى بلد يكون فيه منزل يقيم فيه ستة أشهر فان انقطع بأحدها فقد صار سفرين بينهما حضور وأن لا يكون السفر عمله إلا إذا جدّ به السير وشق عليه مشقّة شديدة وأن يكون السفر جائزاً له وأن يتوارى عن جدران البلد أو يخفى عليه أذانه هذا ما استفدناه من أخبار أئمتنا عليهم السلام في شرائط السفر الموجب للافطار في الصيام والتقصير في الصلاة وبينّاه في كتابنا المسمى بالوافي من أراد الاطلاع عليه فليراجع إليه.

السابقالتالي
2 3