الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } * { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } * { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ }

{ (162) خَالِدِينَ فِيهَا } في اللعنة في نار جهنم { لاَ يُخَفّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ } يوماً ولا ساعة { وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } يمهلون.

{ (163) وَإلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ } قيل أي المستحق منكم للعبادة واحد لا شريك له يصحّ أن يعبد أو يسمى إلهاً { لا إلهَ إلاَّ هُوَ } تقرير للواحدانية وإزاحة لأن يتوهم ان في الوجود إلهاً ولكن لا يستحق منهم العبادة { الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } كالحجة عليها.

{ (164) إنَّ في خَلْقِ السّمَاواتِ والأَرْضِ } بلا عمد من تحتها يمنعها من السقوط ولا علاقة من فوقها تحبسها من الوقوع عليكم وأنتم أيها العباد والإِماء اسرائي في قبضتي الأرض من تحتكم لا منجى لكم منها أين هربتم والسماء من فوقكم لا محيص لكم عنها أين ذهبتم فان شئت أهلكتكم بهذه وإن شئت أهلكتكم بتلك ثم ما في السموات من الشمس المنيرة في نهاركم لتنشروا في معايشكم ومن القمر المضيء في ليلكم لتبصروا في ظلمتها وألجأتكم بالاستراحة في الظلمة إلى ترك مواصلة الكدّ الذي ينهك أبدانكم { وَاخْتِلافِ اللّيْلِ والنّهَارِ } المتتابعين الكارين عليكم بالعجائب التي يحدثها ربكم في عالمه من اسعاد واشقاء واعزاز واذلال وإغناء وإفقار وصيف وشتاء وخريف وربيع وخصب وقحط وخوف وأمن { وَالفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النّاسَ } التي جعلها الله مطاياكم لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً ولا تقتضيكم علفاً ولا ماء وكفاكم بالرياح مؤونة تسييرها بقواكم التي كانت لا تقوم بها لو ركدت عنها الرياح لتمام مصالحكم ومنافعكم وبلوغكم الحوائج لأنفسكم { وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السّمَاءِ مِنْ ماءٍ } وابلاً وهطلاً ورذاذاً لا ينزل عليكم دفعة واحدة فيغرقكم ويهلك معايشكم لكنه ينزل متفرقاً من علاء حتى يعم الأوهاد والتلال والتلاع { فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } فيخرج نباتها وحبوبها وثمارها { وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابّةٍ } منها ما هي لأهلكم ومعايشكم ومنها سباع ضارية حافظة عليكم أنعامكم لئلا تشذّ عليكم خوفاً من افتراسها لها { وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ } المريبة لحبوبكم المبلّغة لثماركم النافية لركود الهواء والاقتار عنكم، وقرئ بتوحيد الريح { وَالسّحَابِ الْمُسَخّرِ } المذلّل الواقف { بَيْنَ السّمَاءِ وَالأَرْضِ } يحمل أمطارها ويجري باذن الله ويصبّها حيث يؤمر { لآيَاتٍ } دلائل واضحات { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يتفكرون فيها بعقولهم.

{ (165) وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَتّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَاداً } من الأصنام ومن الرؤساء الذين يطيعونهم.

في الكافي عن الباقر عليه السلام والعياشي عن الصادق عليه السلام هم والله أولياء فلان وفلان اتخذوهم أئمة دون الإمام الذي جعله الله للناس إماماً فلذلك قال ولو يرى الذين ظلموا الآية ثم قال والله هم أئمة الظلم واشياعهم { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ } قيل أي يعظمونهم ويطيعونهم كتعظيمه والميل إلى طاعته أي يسوّون بينهم وبينه في المحبة والطاعة { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلهِ } من هؤلاء المتخذين الأنداد مع الله لأندادهم لأن المؤمنين يرون الربوبية والقدرة لله لا يشركون به شيئاً فمحبّتهم خالصة له.

السابقالتالي
2