الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

{ (143) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً } القمّي أئمة { وَسَطاً } قال أي عدلاً واسطة بين الرسول والناس.

أقول: فالخطاب للمعصومين عليهم السلام خاصة { لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النّاسِ } يعني يوم القيامة { وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } في الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام نحن الأمة الوسط ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه وسمائه وفي حديث ليلة القدر عنه عليه السلام وايم الله لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد صلّى الله عليه وآله وسلم علينا ولنشهد على شيعتنا وليشهد شيعتنا على الناس.

أقول: أراد بالشيعة خواص الشيعة الذين معهم وفي درجتهم كما قالوا شيعتنا معنا وفي درجتنا لئلا ينافي الخبر السابق والأخبار الآتية، وفي شواهد التنزيل عن أمير المؤمنين عليه السلام إيّانا عني بقوله: لتكونوا شهداء على الناس فرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم شاهد علينا ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه ونحن الذين قال الله وكذلك جعلناكم أمّة وسَطاً.

والعياشي عن الباقر عليه السلام نحن نمط الحجاز قيل وما نمط الحجاز قال أوسط الأنماط إن الله يقول وكذلك جعلناكم أمّة وسَطاً قال إلينا يرجع الغالي وبنا يلحق المقصّر.

وفي المناقب عنه عليه السلام إنما أنزل الله وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول شهيداً عليكم قال ولا يكون شهداء على الناس إلا الأئمة والرسل فأمّا الأمّة فانه غير جائزان يستشهدها الله وفيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على حزمة بقل.

أقول: لعل المراد بهذا المعنى أنزل الله وقد مضى في دعاء إبراهيم ومن ذريتنا أمّة مسلمة لك وقد عرفت هناك أن الأمة بمعنى المقصود سميت بها الجماعة لأن الفرق تؤمها.

والعياشي عن الصادق عليه السلام قال ظننت أن الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين أفترى أن من لا يجوز شهادته في الدنيا على صاعٍ من تمرٍ يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية كلا لم يعن الله مثل هذا من خلقه يعني الأمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم كنتم خير أمّة أخرجت للناس وهم الأئمة الوسطى وهم خير أمة أخرجت للناس.

أقول: لما كان الأنبياء والأوصياء معصومين من الكذب وجاز الوثوق بشهادتهم لله سبحانه على الأمم دون سائر الناس جعل الله تعالى في كل أمة منهم شهيداً ليشهد عليهم بأن الله أرسل رسوله إليهم واتمّ حجّته عليهم وبأن منهم من أطاعه ومنهم من عصاه لئلا ينكروه غداً فالنبي يشهد لله على الأئمة بأن الله أرسله إليهم وأنهم أطاعوه والأئمة يشهدون لله على الأمم بأن الله أرسل النبي صلّى الله عليه وآله وسلم إليهم وللنبي صلّى الله عليه وآله وسلم بأنه بلغهم وأن منهم من أطاعه ومنهم من عصاه وكذلك يشهد نبيّنا صلّى الله عليه وآله وسلم لسائر النبيين على أممهم بأن النبيين بلّغوا رسالات ربّهم إلى أممهم، ويأتي تمام الكلام في هذا في سورة النساء إن شاء الله.

السابقالتالي
2