الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } * { ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } * { مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } * { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً } * { مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } * { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً }

{ (13) وَكُلَّ إنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ } عمله وما قدر له كأنّه طير له من عشّ الغيب ووكر القدر { فِي عُنُقِهِ } لزوم الطّوق في عنقهِ.

العياشي عنهما عليهما السلام.

والقمِّي قال قدره الله الذي قدّر عليه.

والقمِّي عن الباقر عليه السلام خيره وشرّه معه حيث كان لا يستطيع فراقه حتى يعطى كتابه يوم القيامة بما عمل { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً } هي صحيفة عمله.

أقولُ: هي بعينها نفسه التي رسخت فيها آثار أعماله بحيث انتقشت بها { يَلْقَاهُ مَنشُوراً } لكشف الغطاءِ وقرىء يلقاه بالتشديد والبناءِ للمفعول.

{ (14) إِقْرَأْ كِتَابَكَ } على ارادةِ القول { كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً }

في المجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه حتّى كأنّه فعله تلك الساعة فلذلك قالوا يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها.

{ (15) مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ولا تحمل نفس حاملة وزراً وزرت نفس أخرى بل إنّما تحمل وزرها { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } يبيّن الحجَجَ ويمهِّد الشرايع فيلزمهم الحجّة.

في الكافي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة قال لا قيل فهل كلّفوا المعرفة قال لا على الله البيان لا يكلّف الله نفساً إلا ما آتاها.

{ (16) وَإِذَا أرَدْنَا أن نُهْلِكَ قَرْيَةً } واذا تعلّقت ارادتنا باهلاك قومٍ بدُنُوِّ وقته المقدر { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } متنعّميها { فَفَسَقُوا فِيهَا }.

القميّ كثرنا جبابرتها.

والعياشي عن الباقر عليه السلام أمرنا مشدّدة ميمه تفسيره كثرنا وقال لا قرأتها مخففة عنه عليه السلام أمرنا أكابرها.

وفي المجمع عنه عليه السلام أنه قرء أمرنا بتشديد الميم وعن عليّ عليه السلام أنّه قرىء آمرنا على وزن عامرنا يقال أمرت الشيء وآمرته فأمر إذا كثرته وفي الحديث خير المال سكة مابورة ومهرة مأمورة أي كثيرة النِّتاج والسكة النخل والمهرة الفرس وقيل تخصيص المترفين لأنّ غيرهم يتبعهم ولأنّهم أسرع إلى الحماقة وأقدر على الفجور { فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ } يعني كلمة العذاب { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } أهلكناها.

{ (17) وَكَمْ أَهْلَكْنَا } وكثيراً أهلكنا { مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ } كعاد وثمود { وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } يدرك بواطنها وظواهرها فيعاقب عليها.

{ (18) مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ } النِّعمة الدّنيويّة مقصوراً عليها همّته { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشاءُ لِمَن نُرِيدُ } قيد المعجل والمعجل له بالمشيئة الإِرادة لأنّه لا يجد كل متمنّ ما يتمنّاه ولا كلّ أحد جميع ما يهواه وليعلم أنّ الأمر بالمشيئة { ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً } مطروداً من رحمة الله.

السابقالتالي
2