الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } * { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } * { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } * { وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } * { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً }

{ (104) وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ } من بعد فرعون واغراقِه { لِبَنِي إسْرَائيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ } التي أراد أن يستفزّكم منها { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } مختلطين ثم نحكم بينكم واللفيف الجماعات من قبائل شتّى.

القمّي عن الباقر عليه السلام لفيفاً يقول جميعاً وفي رواية أخرى من كلّ ناحية.

{ (105) وَبِالْحَقِّ أنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ } وما أنزلنا القرآن إلاّ بالحق وما نزل إلاّ بالحق { وَمَا أرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً } للمطيع بالثواب { وَنَذِيراً } للعاصي بالعقاب.

{ (106) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ } نزّلناه منجمّاً.

في المجمع عن عَليّ عليه السلام فرّقناه بالتّشديد { لِتَقْرَأهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ } على مهل وتؤدة فانّه أيسر للحفظ وأعون في الفهم { وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } على حسب الحوادث.

{ (107) قُلْ آمِنُوا بِهِ أوْلاَ تُؤْمِنُوا } فانّ إيمانكم بالقرآن لا يزده كمالاً وامتناعكم عنه لا يورثه نقصاناً { إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ } أي العلماء الذين قرؤا الكتب السابقة وعرفُوا حقيقة الوحي وامارات النّبوّة وتمكنّوا من التّمييز بين المحقّ والمبطل.

القمّي يعني أهل الكتاب الذين آمنُوا برسول الله { إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ } القرآن { يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } يسقطون على وجوههم تعظيماً لأمر الله وشكراً لانجازه وعده في تلك الكتب ببعثه محمّداً صلىَّ الله عليه وآله وسلم على فترة من الرّسل وانزال القرآن عليه.

{ (108) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا } عن خلف الوعد { إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } إنّه كان وعده كائناً لا محالة.

{ (109) وَيخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ } كرّره لاختلاف الحالين وهما خرورهم للشّكر وانجاز الوعد حال كونهم ساجدين وخرورهم لما أثر فيهم من المواعظ حال كونهم باكين وذكر الذّقن لأنّه أوّل ما يلقى الأرض من وجه الساجد.

والقمّي فسرّ الأذقان بالوجوه ومعنى اللاّم الإِختصاص لأنّهم جَعَلوا أذقانهم ووجوههم للسّجُود والخرور { وَيَزِيدُهُمْ } سماع القرآن { خُشُوعاً } لما يزيدهم علماً ويقيناً.

{ (110) قُلِ ادْعُوا اللهَ أوِ ادْعُوا الرَّحمْنَ } سمّوا الله بأيّ الاسمين شئتم فانهّما سيّان في حسن الإِطلاق والمعنى بهما واحد { أيّاً مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } أي أيّ هذين الإِسمين سمّيتم وذكرتم فهو حسن فوضع موضعه فله الأسماء الحسنى للمبالغة والدلالة على ما هو الدليل عليه فانّه إذا حسنت أسماؤه كلها حسن هذان الإِسمان لأنّهما منها وما مزيدة مؤكدة للشّرط والضمير في له للمسمّى لأنّ التّسمية له لا للاسم ومعنى كون أسمائه أحسن الأسماء استقلالها بمعاني التمجيد والتعظيم والتقديس ودلالتها على صفات الجلال والإِكرام قيل نزلت حين سمع المشركون رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم يقول يا الله يا رحمن فقالوا إنّه ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلهاً آخر وقيل قالت له اليهود إنّك لتقلّ ذكر الرّحمن وقد أكثره الله في التوراة فنزلت { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ } يعني بقراءتها { وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً }.

السابقالتالي
2