الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } * { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ إِنَّ ٱلْخِزْيَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { فَٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } * { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ (26) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ } من الأساطين التي بنوا عليها { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ } هذا تمثيل لاستئصالهم بمكرهم والمعنى أنّهم سوّوا منصوبات ليمكروا الله بها فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات كحال قوم بنوا بنياناً وعمدوه بالأساطين فأتى البنيان من جهة الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا ومن أمثالهم من حفر لأخيه جبّاً وقع فيه منكبّاً والمراد باتيان الله إتيان أمره من القواعد أي من جهة القواعد { وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } لا يحتسبون ولا يتوقّعُون وفي الجوامع والعياشي عن الصادق عليه السلام أنّه قرأ فأتى الله بيتهم، وزاد العياشي يعني بيت مكرهم.

بيت مكرهم.

وعن الباقر عليه السلام كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشّرّ.

والقميّ عنه عليه السلام بيت مكرهم أي ماتوا فألقاهم الله في النار قال وهو مثل لأعداءِ آل محمد صلوات الله عليهم.

وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث فاتيانه بنيانهم من القواعد ارسال العذاب.

{ (27) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ } يذلّهم { وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ } تعادون المؤمنين وتخاصمونهم في شأنهم وقرىء بكسر النون أي تشاققونني لأنّ مشاقّة المؤمنين مشاقة الله { قَالَ الَّذِينَ اُوتُوا الْعِلْمَ } أي الأنبياءَ وَالعلماء الذين كانوا يدعونهم إلى التوحيد فيشاقّونهم ويتكبّرون عليهم { إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ } الذلة والعذابَ { عَلَى الْكَافِرِينَ } اظهاراً للشّماتة وزيادة في الإِهانة.

القميّ الذين أوتوا العلم الأئمّة عليهم السلام يقولون لأعدائهم أين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا.

{ (28) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ } أي ملائكة العذاب كما سَبَق بيانه في سورة النّساءِ عند نظير هذه الآية وقرىء بالياءِ { ظَالِمِي أنفُسِهِمْ } بأن عرضوها للعذاب المخلّد { فَأَلْقَوُا السَّلَمَ } فسالموا واخبتوا حين عاينوا الموت { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ } جحدوا ما وجد منهم من الكفر والعدوان في الدنيا { بَلَى } ردّ عليهم أولوا العِلم { إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فهو يجازيكم عليه وهذا أيضاً من الشماتة وكذلكَ.

{ (29) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ } كل صنف بابها المعدَّ لَهُ { خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ } جهنم.

{ (30) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيرْاً } اطبقوا الجواب على السؤال معترفين بالإِنزال بخلافِ الجاحدين إذ قالوا أساطير الأوّلين وليس من الإِنزال في شيء { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ } مكافأة في الدنيا { وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ } أي ولثوابهم في الآخِرة خير منها وهو عدة للّذينَ اتّقوا ويجوز أن يكون بما بعده من تتمّة كلامهم بدلاً وتفسيراً لخير { وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ }.

{ (31) جَنَّاتُ عَدْنٍ } اقامة وخلود { يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ } من أنواع المشتهيات وقد مضى في شأن جنّات عدن أخبار في سورة التّوبة { كَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ }.

السابقالتالي
2