الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ } * { لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } * { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ } * { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ }

{ (9) إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ } ردّ لإنكارهم واستهزائهم ولذلك أكّده من وجوه { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان.

{ (10) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ } في فرقهم وطوائفهم والشّيعة الفرقة إذا اتّفقوا في مذهب وطريقة من شاعة إذا تبعه.

{ (11) وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ } حكاية حال ماضية { إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } كما يفعل هؤلاءِ وهو تسلية للنبيّ صلىَّ الله عليه وآله وسلم.

{ (12) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ } قيل ندخل الذّكر وننظمه { فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ } يعني نلقيه في قلوبهم مكذّباً به غير مقبول وقيل الضّمير للإستهزاء.

{ (13) لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } بالذكر { وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ } أي سنّة الله فيهِم بأن خذلهم وسلك الكفر في قلوبهِم أو بأن أهلكهم حين كذّبوا رسلهم فيكون وعيداً لأهل مكة.

{ (14) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم } على هؤلاء المقترحين { بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ } يصعدون إليها طول نهارهم.

{ (15) لَقالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا } سدت من الأبصار بالسِّحر وخيّل إلينا على غير حقيقة وقرىء سكرت بالتخفيف { بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } قد سحرنا محمد صلىَّ الله عليه وآله وسلم بذلك.

{ (16) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّماءِ بُرُوجاً } في المجمع عن الصادق عليه السلام هي اثنا عشر برجاً.

والقمي عن الباقر عليه السلام البروج الكواكب والبروج التي للرّبيع والصيف الحمل والثور والجوزاء والسرّطان والأسد والسّنبلة وبروج الخريف والشّتاءِ الميزان والعقرب والقوس والجدي والدّلو والحوت وهي اثنا عشر برجاً.

والقميّ هي منازل الشمس والقمر.

أقولُ: معنى البروج القصور العالية سمّيت الكواكب بها لأنّها للسّيّارات كالمنازل لسكّانها واشتقاقه من التبّرج لظهوره.

في الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّ للشمس ثلاث مئة وستّين برجاً كلّ برج منها مثل جزيرة من جزاير العرب تنزل كل يوم منها فاذا غابت انتهت إلى حد بطنان العرش فلم تزل ساجدة إلى الغد ثم تردّ إلى موضع مطلعها ومعها ملكان يهتفان معها.

أقول: وذلك لأنّ سير الشمس إنما يكون في كلّ برج من البروج الإِثني عشرَ ثلاثين يوماً تقريباً فبهذا الإعتبار ينقسم كل منها إلى ثلاثين برجاً فيصير ثلاثمئة وستّين { وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ } في المجمع عن الصادق عليه السلام بالكواكب النيّرة.

{ (17) وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } فلا يقدر أن يصعد إليها ويوسوس أهلها ويتصرف في أمرها ويطلع على أحوالها.

{ (18) إلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ } اختلسه سرّاً { فَأَتْبَعَهُ } ولحقه { شِهَابٌ مُّبِينٌ } ظاهر للمتبصرين والشهاب شعلة نار ساطعة وقد يطلق للكواكب والسِّنان لما فيهما من البريق.

في المجالس عن الصادق عليه السلام كان إبليس يخترق السموات السبع فلما ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلاث سماوات وكان يخترق أربع سماوات فلما ولد رسول الله صلىَّ اللهُ عليه وآله وسلم حجب عن السبع كلّها ورميت الشياطين بالنجوم وقالت قريش هذا قيام الساعة الذي كنّا نسمع أهل الكتاب يذكرونه وقال عمرو بن أميّة وكان من أرجز أهل الجاهلية انظروا هذه النجوم التي يهتدى بها ويعرف بها أزمان الشتاءِ والصيف فان كان رمي بها فهو هلاك كلّ شيءٍ وان كانت تثبت ورمي بغيرها فهو أمر حدث.

السابقالتالي
2