الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } * { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } * { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } * { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

{ (5) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللهِ } قيل بوقايعه الواقعة على الأمَمِ الماضية وأيّام العَرَب يقال لحروبها.

وفي المجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام بِنِعَمِ الله وآلائه.

والقميّ أيّام الله ثلاثة يوم القائِم ويوم الموت ويوم القيامة.

وفي الخصال عن الباقر عليه السلام أيّام الله يوم يقوم القائِم ويوم الكرة ويوم القيامة.

أقول: لا منافاة بين هذه التفاسير لأنّ النعمة على المؤمن نقمة على الكافر وكذا الأيّام المذكورة نعم لقوم ونقم لآخرين { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } يصبر على بلائه ويشكر لنعمائِه.

{ (6) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ } يكلّفونكم { سُوءَ الْعَذَابِ } استعبادكم بالأفعال الشاقة كما مضى في سورة البقرة { وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذِلكُم بَلاَءٌ مِّن رَبِّكُمْ عَظِيمٌ } ابتلاء منه أو وفي الإِنجاء نعمة.

{ (7) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } واذكروا إذ أَعْلم أنّه { لَئِن شَكَرْتُمْ } يا بني إسرائيل ما أنعمت عليكم من الإِنجاءِ وغيره بالإِيمان والعَمل الصالح { لأَزِيدَنَّكُمْ } نعمة إلى نعمة { وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَديدٌ }.

في الكافي عن الصادق عليه السلام ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه وحمد الله ظاهراً بلسانة فتمّ كلامه حتى يؤمر له بالمزيد.

وفي المجمع ما في معناه والقميّ والعياشي مثله وزاد هو قوله تعالى لئن شكرتم لأزيدنّكم.

وفي الكافي عنه عليه السلام من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله قبل أن يظهر شكرها على لسانه.

وعنه عليه السلام ما أنعم الله على عبدٍ بنعمة صغرت أو كبرت فقال الحمد لله إلاّ أدّى شكرها، وفي رواية أخرى وكان الحمد أفضل من تلك النعمة، وعنه عليه السلام في تفسير وجوه الكفر الوجه الثالث من الكفر كفر النعم قال لئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد.

{ (8) وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً } من الثقلينِْ { فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ } عن شكركم { حَمِيدٌ } مستحق للحمد في ذاته وان لم يحمده حامد محمود يحمده نفسه ويحمده الملائكة وينطق بنعمته ذرّات المخلوقات فما ضررتم بالكفران إلاّ أنفسكم حيث حرمتموها مزيد الأنعام وعرضتموها للعذاب الشديد.

{ (9) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ } لكثرة عددهم { جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ } القميّ أي في أفواه الأنبياء.

أقول: يعني منعوهم من التكلم وهو تمثيل وفي تفسير هذه الكلمة وجوه أخر ذكرها المفسّرون { وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ }.

{ (10) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمّىً } الى وقتٍ سماّهُ الله وجعله اخر أعماركم { قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } لا فضل لكم علينا فلم خصصتم بالنّبوّة دوننا { تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ } بحجة واضحة أرادوا بذلك مَا اقترحوه من الآيات تعنّتاً وعناداً.

السابقالتالي
2