الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } * { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } * { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ }

{ (5) وَإِن تَعْجَبْ } يا محمّد من قولهم في انكار البعث { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } فحقيق بأن يتعجب منه فان من قدر على انشاء ما قصّ عليك كانت الاعادة أهون عليه { أَءِذَا كُنَّا تُرَاباً أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ } لانكارهم قدرته وتماديهم في الكفر { وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ } مقيدون بالضلال لا يرجى خلاصهم لإِصرارهم { وأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لا ينفكون عنها.

{ (6) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ } بالعقوبة قبل العافية وذلك أنهم استعجلوا بالعذاب استهزاءً { وَقَدْ خَلَتْ } مضت { مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ } عقوبات أمثالهم من المكذبين فما بالهم لم يعتبروا بها، في نهج البلاغة احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلاث بسوءِ الأفعال وذميم الأعمال فتذكُروا في الخير والشر أحوالهم واحذروا أن تكونوا أمثالهم { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ } أي مع ظلمهم أنفسهم بالذنُوب { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ }.

في المجمع لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد العيش ولولا وعيد الله وعقابه لاتّكل كل أحد ".

وفي التوحيد عن الرضا عليه السلام حين تذاكروا الكباير وقول المعتزلة فيها أنّها لا تغفر قال أبو عبد الله عليه السلام قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة قال جلّ جلاله وانّ ربّك لذو مغفرة للناس على ظلمهم.

{ (7) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَبِّهِ } لم يعتدوا بالآيات المنزلة عناداً واقترحُوا نحو ما أوتي موسى وعيسى { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ } مرسل للانذار كغيرك من الرُّسل وما عليك إلا الإِتيان بما يصح به أنّك رسول مخوّف منذر والآيات كلها متساوية في حصولِ الغرضِ { وَلِكُلِّ قوْمٍ هَادٍ } يهديهم إلى الدين ويدعوهم إلى الله بوجه من الهداية وبآية خصّ بها.

في المجمع لمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىَّ الله عليه وآلة وسلم " أنا المنذر وعليّ الهادي من بعدي يا عليّ بك يهتدي المهدون ".

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم المنذر ولكلِّ زمن منّا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبيّ الله ثم الهداة من بعده عليّ ثم الأوصياء واحد بعد واحد.

وعن الصادق عليه السلام كلّ إمام هاد للقرن الذي هو فيهم ومثله في الاكمال ورواه القمي والعياشي وغير واحد من الخاصة والعامة في غير واحد من الأسانيد.

والقميّ هو رد على من أنكر أن في كل عصر وزمان إماماً وانه لا تخلو الأرض من حجّة.

{ (8) اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى } من ذكر أو أنثى تامّ وناقص حسن وقبيح سعيد وشقي { وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ } وما تنقصه { وَمَا تَزْدَادُ } في المدة والعَدَد والخلقة.

السابقالتالي
2