الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } * { قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } * { قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } * { قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }

{ (88) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ } بعدما رجعوا إلى مصر { قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ } الشدة { وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ } رديّة.

العياشي عن الرضا عليه السلام كانت المقل وكانت بلادهم بلاد المقل وهي البضاعة { فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا } وتفضل علينا بالمسامحة وزدنا على حقّنا أو بأخينا بنيامين كما يأتي { إِنَّ اللهَ يَجْزِي المُتَصَدِّقِينَ } يثيبهم على صدقاتهم بأفضل منها فرق لهم يوسف ولم يتمالك ان عرّفهم نفسه.

{ (89) قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } قاله شفقة ونصحاً لما رأى من عجزهم وتمسكنهم لا معاتبة وتثريباً ايثاراً لحق الله على حق نفسه في ذلك المقام الذي ينفث فيه المصدور ولعل فعلهم بأخيه افراده عن يوسف قيل واذلاله حتى لا يستطيع أن يكلّمهم الا بِعجز وذلّة.

في المجمع عن الصادق عليه السلام كلّ ذنب عمله العبد وان كان عالماً فهو جاهل حين خاطر بنفسه معصية ربّه فقد حكى الله سبحانه قول يوسف لأخوته هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه اذ انتم جاهلون فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.

{ (90) قَالُوا أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ } استفهام تقرير وقرىء على الإيجاب { قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي } من أبي وأمّي ذكره تعريفاً لنفسه وتفخيماً لشأنه { قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا } أي بالسلامة والكرامَة { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ } أي من يتّق الله { وَيَصْبِرْ } على البليّات وعن المعاصي { فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِيِنَ }.

{ (91) قَالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا } اختارك علينا بحسن الصورة وكمال السيرة { وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } وانّ شأننا وحالنا إنّا كنا مذنبين بما فعلنا معك لا جَرَم إنّ الله أعزّك وأذلّنا.

العياشي عن الباقر عليه السلام قالوا فلا تفضحنا ولا تعاقبنَا اليوم واغفر لنا.

{ (92) قَالَ لاَ تَثْرِيبَ } لا عيب ولا تعيير ولا تأنيب { عَليْكُمُ الْيَوْمَ } فيما فعلتم { يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }.

في المجمع عن الصادق عليه السلام في حديث طويل أنّ يعقوب كتب إلى يوسف بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل من يعقوب بن اسحق بن ابراهيم خليل الرّحمن صاحب نمرود الذي جمع له النّار ليحرقة بها فجَعَلَها الله عليه برداً وسلاماً وأنجاه منها أخبرك أيّها العزيز أنّا أهل بيت لم يزل البلاء إلينا سريعاً من الله ليبلونا عند السّرّاءِ والضّرّاء وانّ المصائب تتابعت عليّ منذ عِشرين سنة أوّلها أنّه كانّ لي ابن سمّيته يوسف وكان سروري من بين ولدي وقرّة عيني وثمرة فؤادي وانّ اخوته من غير أمّه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب فبعثته معهم بكرة فجاؤني عَشيّاً يبكون وجاؤا على قميصة بدم كذب وزعمُوا أنّ الذئب أكله فاشتدّ لفقده حزني وكثر على فراقه بكائي حتى أبيضّت عيناي من الحزن وأنّه كان له أخ وكنت به معجباً وكان لي أنيساً وكنت اذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري وانّ اخوته ذكروا أنّك سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به وان لم يأتوك به منعتهم الميرة فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحاً فرجعوا إليّ وليس هو معهم وذكُروا أنّه سرق مكيال الملك ونحن أهل بيت لا نسرق وقد حبسته عنّي وفجعتني به وقد اشتدّ لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري وعظمت به مصيبتي مع مصائب تتابعت عليّ فمن عليّ بتخلية سبيله واطلاقة من حبسك وطيّب لنا القمح واسمح لنا في السعر واوف لنا الكيل وعجل سراح آل ابراهيم قال فمضوا بكتابه حتى دخلوا على يوسف في دار الملك وقالو يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّرّ إلى آخر الآية وتصدق علينا بأخينا بنيامين وهذا كتاب أبينا يعقوب أرسله إليك في أمره يسألك تخلية سبيله فمنّ به علينا فأخذ يوسف كتاب يعقوب وقبّله ووضعه على عينيه وبكى وانتحبَ حتى بلّت دموعه القميص الذي عليه ثم أقبل عليهم وقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه من قبل.

السابقالتالي
2