الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } * { قَالُواْ تَاللهِ تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَالِكِينَ } * { قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ }

{ (83) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ } يعني فلما رجعوا إلى أبيهم وقالوا له ما قال لهم أخوهم قال بل سوّلت أي زيّنت وسهّلت { لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } اردتموه كتعليمكم إيّاه أنّ السارق يؤخذ بسرقته { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } فأمري صبر جميل لا شكوى فيه إلى الناس { عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً } بيوسف وبنيامين ويهودا { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } بحالي وحالهم { الْحَكِيمُ } في تدبيرها.

{ (84) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ } واعرض عنهم { وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ } تعال فهذا أوانك والأسَف أشدّ الحزن والحسرة والألف بدل من ياءِ المتكلم تأسّفه على يوسف دون غيره دليل على أنّه يقع فايت عنده موقعه وان مصابه به كان عنده غضّاً طرّياً مع طول العهد.

العياشي والقميّ عن الصادق عليه السلام أنّه سئل ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف قال حزن سبعين ثكلى بأولادها وزاد العياشي قيل له كيف يحزن يعقوب على يوسف وقد أخبره جبرئيل انه لم يمت وانه سيرجع اليه فقال له انه نسى ذلك

وزاد القمي وان يعقوب لم يعرف الاسترجاع فمن هنا قال وا أسفى على يوسف.

وفي الحديث النبوي " لم يعط أمّة من الأمم إِنّا للهِ وإنّا إليه راجعون عند المصيبة إلاّ أمّة محمّد صلىَّ الله عليه وآله وسلم " ألا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصاب لم يسترجع وقال { يا أسفى } الآية { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ } لكثرة بكائه من الحزن وكان العبرة محقت سوادها.

والقمّي يعني عميت من البكاءِ { فَهُوَ كَظِيمٌ } مملّو من الغيظ على أولاده ممسك له في قلبه ولا يظهره.

{ (85) قَالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ } أي لا تفتؤا ولا تزال تذكره تفجّعاً عليه حذف لا لعدم الإلتباس باثبات { حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً } مريضاً من الهّم مشفياً على الهلاك { أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ } المّيتين.

في الخصال عن الصادق عليه السلام البكّاؤن خمسة الى أن قال وامّا يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره حتى قيل له تالله تفتؤا الآية.

{ (86) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي } همّي الذي لا أقدر الصبر عليه { إِلَى اللهِ } لا إلى غيره فخلّوني وشكايتي { وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ } من صنعه ورحمته { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } وحسن ظنّي به أن يأتيني بالفرج من حيث لا أحتسب.

في الكافي عن الصادق عليه السلام أن يعقوب لما ذهب منه بنيامين نادى يا ربّ أما ترحمني أذهبت عيني وأذهبت ابني فأوحى الله تعالى لو أمّتهما لأحييتهما لك حتى اجمع بينك وبينهما ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلت وفلان وفلان إلى جانبك صائم لم تنلهُم منها شيئاً.

{ (87) يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ } تفحصوا من حالهما وتطلبوا خبرهما { وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِ } لا تقنطوا من فرجه وتنفيسه ورحمته { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } لأن المؤمن من الله على خير يرجوه عند البلاء ويشكره في الرّخاءِ.

السابقالتالي
2