الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ } * { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } * { قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { فَٱسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

{ (29) يُوسُفُ } يا يوسف { أَعْرِضْ عَنْ هَذَا } اكتمه ولا تذكرهُ { وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ } يا زليخا { إِنَّك كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ } من القوم المذنبين من خطىء إذا أذنب متعمّداً والتذكير للتغليب.

{ (30) وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَفْسِهِ } تطلب مواقعة غلامها إيّاها { قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } شق شغاف قلبها وهو حجابه حتى وَصَل إلى فؤادها حبّاً.

القميّ عن الباقر عليه السلام يقول قد حجبَها حبّه عن الناسِ فلا يعقل غيره والشغافُ هو حجاب القلب وقرىء شغفها بالمهملة أي احرقها كما يحرق البعير بالقطران إذا هنىء به ونسبها في المجمع والجوامع إلى أهل البيت عليهم السلام { إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ } عن الرشد وَبُعْد عن الصواب { مُّبِينٍ } ظاهِر.

القميّ وشاع الخبر بمصر وجعلن النساء يتحدثن بحديثها ويعذلنها ويذكرنها.

{ (31) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ } باغتيابهنّ وتعييرهنّ وانما سماه مكراً لأنّهنَّ أخفينه كما يخفي الماكر مكره { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ } تدعوهنّ { وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً } طعاماً ومجلس طعام كما يأتي عن السجاد عليه السلام فانّهم كانوا يتّكئون للطعام والشرّابِ تترفاً ولذلك نهى عنه والقميّ متكئاً أي أترجة كأنّه قرء باسكان التاءِ وحذف الهمزة { وَآتَتْ } أعطت { كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً }.

القميّ بعثت إلى كل امرأة رئيسة فجمعنَ في منزلها وهيّأت لهنّ مجلساً ودفعت إلى كلّ امرأة أترجة وسكّيناً فقالت اقطعنَ { وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ }.

القميّ وكانَ في بيت { فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ } عظمّنه وهِبن حسنه الفايق.

في المجمع عن النبي صلىَّ الله عليه وآله وسلم " رأيت في السماءِ الثانية رجلاً صورته صورة القمر ليلة البدر فقلت لجبرئيل من هذا قال هذا أخوك يوسف يعني حين أسرى به ".

والقميّ عن الصادق عليه السلام ما يقرب منه { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } جرحنها بالسّكاكين من فرط الدهشة { وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ } تنزيهاً لله من صفات العجز وتعجّباً من قدرته على خلق مِثله { مَا هَذَا بَشَراً } لأنّ هذا الجمال غير معهود للبشر { إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } لأنّ جماله فوق جمَال البشر ولأنّ الجمعَ بين الجمال الرايق والكمال الفايق والعصمة البالغة من خواصّ الملائكة.

{ (32) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِى فِيهِ } أي فهو ذلك العبد الكنعاني الذي لمتنّني في الإفتتان به قبل أن تتصّورنه حقّ تصوّره ولو تصّورتنّ بما عاينتنّ لعذرتنّني { وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ } فامتنع طالباً للعصمة أقرت لهنّ حين عرفت أنّهنّ يعذرنها كي يعاونّها على إِلآنة عريكتِه { وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ } الأذلاّء.

{ (33) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيهِ } أي آثر عندي من مواتاتها نظراً إلى العاقبة واسناد الدعوة إليهنّ جميعاً لأنّهنَّ خوّفنه عن مخالفتها وزّين له مطاوعتها.

السابقالتالي
2