الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } * { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ }

{ (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ } قيل هو العزيز الذي كانَ على خزائن مصر وكان اسمه قطفير أو اظفير وكان الملك يومئذ ريّان بن الوليد العمليقي وقد امن بيوسف ومات في حياته { لاِمْرَأَتِهِ } وكان اسمها زليخا كما يأتي عن الهادي عليه السلام { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ } اجعلي مقامه عندنا كريماً أي حسناً والمعنى أحسني تعهّده { عَسَى أَن يَنفَعَنَا } في ضياعنا وأموالنا ونستظهر به في مصالحنا { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } نتبنّاه وذلك لما تفرّس منه الرّشد.

القميّ ولم يكن له ولد فأكرموه وربّوه فلمّا بلغ أشدّه هَوَته امرأة العزيز وكانت لا تنظر إلى يوسف امرأة إلاّ هوته ولا رجل إلاّ أحبّه وكان وجهه مثل القمر ليلة البدر.

{ (21) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأَوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ } لا يمنع ممّا يشاءُ { وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } لطايف صنعه وانّ الأمر كلّه بيده.

{ (22) وَلمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } منتهى اشتداد جسمه وقوّتِه { أَتَيْنَاهُ حُكْمَاً } حكمة { وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ } تنبيه على أنّه تعالى إنّما أتاه ذلك جزاءً على احسانِه في عمله واتقائه في عنفوان أمره.

{ (23) وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ } طلبت منه وتمحّلت أن يواقعها من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شيء { وََغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ } أي أقبل وبادر وقرىء بالضّمّ وبالفتح وكسر الهاء.

وفي المجمع عن عليّ عليه السلام بالهمزة وضمّ التّاء بمعنى تهيّأت لك { قَالَ مَعَاذََ اللهِ } أعوذ بالله معاذاً { إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ } سيدي قطفير أحسن تعهدي فليس جزاؤه أن أخونه في أهله وانّ الله خالقي وأحسَنَ منزلتي بأن عطف عليّ قلبه فلا أعصيه { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }.

{ (24) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ } قصدت مخالطته { وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَن رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } معناه لولا أن رأى برهان ربّه لهمِّ بها فحذف جواب لولا لدلالة المذكور سابقاً عليه هذا عند من لم يجوّز تقدم الجزاء على الشّرط ومن جوّزه فلا حاجة له إلى هذا التقدير.

في المجمع عن الصادق عليه السلام البرهان النّبوّة المانعة من ارتكاب الفواحِش والحِكمة الصارفة عن القبايح { كَذَلِكَ لِنَصْرفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } الذين أخلصهم الله لطاعته وقرىء بكسر اللاّم أي الذين أخلصُوا دينهم لله.

في العيون عن الرضا عليه السلام وقد سأله المأمون عن عصمة الأنبياء لقد همّت به ولولا أن رأى برهان ربّه لهمّ بها كما همّت به لكنه كان معصوماً والمعصوم لا يهمّ بذنب ولا يأتيه.

قال ولقد حدثني أبي عن الصادق عليه السلام أنّه قال همّت بأن تفعل وهمّ بأن لا يفعل وفي رواية أنّها همّت بالمعصية وهمّ يوسف بقتلها ان اجبرته لعظم ما تداخله فصرف الله عنه قتلها والفاحشة وهو قوله تعالى كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء يعني القتل والزّنا.

السابقالتالي
2