الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }

{ (45) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ } وقد وعدت أن تنجيَ أهلي { وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ } أعدلهم وأعلمهم.

{ (46) قَالَ يَا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الذين وعدتك بنجاتهم لأنّه ليس على دينك.

في المجمع والعياشي والعيون عن الرّضا عليه السلام إِن الله قال لنوح إنّه ليس من أهلك لأنّه كان مخالفاً له وجعل من اتّبعه من أهلِهِ { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } تعليل لنفي كونه من أهله وجعلت ذاته عملاً غير صالح مبالغة في ذمّه وقرئ عمل بصيغة الماضي وغير بالفتح أي عمل عملاً غير صالح.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام كيف يقرؤن هذه الآية قيل من النّاس من يقرأ انه عمل غير صالح ومنهم من يقرأ انّه عمل غير صالح فمن قرأ أنّه عمل غير صالح نفاه عن أبيه فقال كلاّ لقد كان ابنه ولكن لمّا عصى الله نفاه عن أبيه كذا من كان منّا لم يطع الله فليس منّا وفي رواية أخرى نفاه عنه حين خالفه في دينِه.

والعياشي ما في معنى الرواية الثانية { فَلاَ تَسْألْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } ما لا تعلم أصواب هو أم لا حتى تعرف كنهه وقريء تسألنّ بفتح اللاّم وتشديد النّون المفتوحة وبكسر النّون المشدّدة واثبات الياءِ { إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }.

{ (47) قَالَ رَبِّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْألَكَ } فيما يستقبل { مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } ما لا عِلم لي بصحّته تأدّباً بأدبك واتعاظاً بموعظتك { وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي } ما فرط منّي من السّؤال { وَتَرْحَمْنِي } بالتوبة والتفضل عليّ { أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ } أعمالاً قاله على سبيل الخضوع لله والتذلّل والاستكانة.

{ (48) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا } انزل من السفينّةِ مسلّماً من المكاره محفوظاً من جهتِنا { وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ } ومباركاً عليك والبركات الخيرات النّامية { وَعَلى أُمَمٍ مِّمَّنْ مَّعَكَ } يعني في السفينة لأنّهم كانوا جماعات أو لتشعب الأمم منهم { وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ } أي وممن معك أمم سنمتعهم في الدنيا { ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ ألِيمٌ } أراد بهم الكفار من ذرية من معه.

القميّ عن الصادق عليه السلام فنزل نوح بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكانت لنوح عليه السلام ابنة ركبت معه السفينة فتناسل الناس منها ومن ذلك قول " النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم نوح أحد الأبوين ".

{ (49) تِلْكَ } اشارة الى قصّة نوح عليه السلام { مِنْ أَنْبَآءِ الْغَيْبِ } أي بعضها { نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ ولاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هذَا فَاصْبِرْ } على مشاقّ الرسالة وايذاءِ القوم كما صَبَر نوح عليه السلام { إنَّ الْعَاقِبَةَ } في الدنيا بالظّفر وفي الآخِرة بالفوز { لِلْمُتَّقِينَ } عن الشرك والمعاصي.

السابقالتالي
2 3 4