الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ بِآيَـٰتِنَا فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } * { قَالَ مُوسَىٰ أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } * { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } * { فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ }

{ (72) فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أعرضتم عن تذكيري { فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أجْرٍ } يوجب تولّيكم لثقله عليكم واتهامكم إيّاي لأجله { إِِنْ أَجْريَ } ما ثوابي على الدعوة والتذكير { إلاَّ عَلَى اللهِ } لا تعلق له بكم يثيبني به آمنتم أو تولّيتم { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } المنقادين لحكمه لا اخالف أمره ولا أرجو غيره.

{ (73) فَكَذَّبُوهُ } فأصرّوا على تكذيبه بعدما الزمهم الحجّة وكان تكذيبهُمْ له في آخر المدّة الطويلة كتكذيبهم في أوّلها { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ } من الغَرَق { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلآَئِفَ } خلفاء لمن هلك بالغرق { وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } بالطّوفان { فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } تعظيم لما جرى عليهم وتحذير لمن كذّب الرّسول عن مثله وتسلية له.

{ (74) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ } أرسلنا من بعد نوح { رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ } يعني هوداً وصالحاً وابراهيم ولوطاً وشعيباً كلاًّ إلى قومه { فَجَآءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ } بالمعجزات الواضحة المثبتة لدعواهم { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } فما استقام لهم أن يؤمنوا لشدَّة تصمِمّهم على الكفر { بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ } يعني في الذّر وقد مضى الأخبار في هذا المعنى في سورة الأعراف { كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ } بالخذلان لانهماكهم في الضّلال واتباع المألوف.

{ (75) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ } من بعد هؤلاءِ الرّسل { مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلإِيِْهِ } وحزبه { بِآيَاتِنَا } بالآياتِ التّسع { فَاسْتَكْبَرُواْ } عن اتباعهما { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } معايدين الإِجرام فلذلك تهاونوا رسالة ربهّم واجترؤا على ردّها.

{ (76) فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا } وعرفوه بتظاهر المعجزاتِ القاهرة المزيحة للشكّ { قَالُواْ } من فرط تمّردهم { إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } ظاهر.

{ (77) قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ } إنّه لسحر حذف محكي القول لدلالة ما بعده وما قبله عليه أو المعنى أتعيبون الحق وتطعنون فيه { أَسِحْرٌ هَذَا } استيناف بانكار ما قالوه ليس بمحكّي القول لأنّهم بتّوا القول { وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ } من تمام كلا موسى.

{ (78) قَالُواْ أَجئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا } لتصرفنا { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا } من عبادة الأصنام { وَتكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيآءُ فِي اْلأَرْضِ } أي الملك فيها لإِتّصاف الملوك بالكبر { وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } مصدّقين فيما جئتما به.

{ (79) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَليمٍ } حاذق فيه وقرىء سحار.

{ (80) فَلَمَّا جَآءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَآ أَنتُم مُّلْقُونَ }.

{ (81) فَلَمَّآ ألْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ } أي الذي جئتم به لا ما سمّيتموه سحراً وقرىء السّحر بقطع الألف ومدّها على الإِستفهام فما استفهاميّة { إنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ } سيمحقه ويظهر بطلانه { إنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } لا يثبته ولا يقويّه.

{ (82) وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ } يثبته { بِكَلِمَاتِهِ } بأوامره وقضاياه { وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ }.

{ (83) فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَى } في مبدء أمْره { إلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } إلاّ أولاد من قوم موسى يعني بني اسرائيل أو قوم فرعون قيل دعاهم فلم يجيبوه خوفاً من فرعون الا طائفة من شبانهم { عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلاَءِهِمْ } أي حزب آل فرعون { أَن يَفْتِنَهُمْ } أن يعذبهم فرعون { وَإنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ } لقاهر فيها { وَإِنَّهُ لِمِنَ الْمُسْْرِفِينَ } في الكبر والعتوّ والظلم والفساد حتى ادعى الرّبوبيّة واسترقّ أسباط الأنبياء.

السابقالتالي
2