الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

{ (3)إنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ } قد سبق تفسيره في سورة الأعرافِ عند ذكر آية السّخرة { يُدَبِّرُ الأَمْرَ } يقدّره ويقضيه ويرتّبه في مراتبه على أحكام عواقبه والتدبير النظر في ادبار الأمور لتجيء محمودة العاقبة والأمر أمر الخلق كلّه { مَا مِنْ شَفِيعٍ إلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } تقرير لعظمته وعزّ جلاله وردّ على من زعم أنّ آلهتهم تشفع لهم عند الله { ذلِكَمُ اللهُ } أي الموصوف بتلك الصفات المقتضية للألوهيّة والرّبوبيّة { رَبُّكُمْ } لا غير اذ لا يشاركه أحد في شيء من ذلك { فَاعْبُدُوهُ } وحده لا تشركوا به شيئاً { أفَلاَ تَذَكَّرُونَ } يعني أنّه أدنى تذكّر ينبّه على الخطأ فيما أنتم عليه وعلى أنّه المستحقّ للعبادة لا ما تعبدونه.

{ (4) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } إليه رجوعكم في العاقبة فاستعدوا للقائه { وَعْدَ اللهِ حَقّاً } وعد وعداً حقّاً { إنَّهُ يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ } بعدله أو بعدالتهم في أمورهم { وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ ألِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } قيل غيّر النّظم للمبالغة في استحقاقِهم للعقاب والتّنبيه على أنّ المقصود بالذات من الإِبداء والإِعادة هو الإِثابة وأمّا العقاب فواقع بالعرض وانّه تعالى يتولّى اثابة المؤمنين بما يليق بلطفه وكرمه ولذلك لم يعيّنه وأمّا عقاب الكفرة فكأنه داء ساق إليهم سوء اعتقادهم وشؤم أفعالهم.

{ (5) هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً } وقرئ بهمزتين حيث وقع { وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ } وقدّر القمر ذا منازل أو قدّر مسيره منازل وهذا كقوله سبحانهوَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ } [يس: 39] { لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ } حساب الأوقات من الأشهر والأيّام والليالي { مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إلاَّ بالْحَقِّ } الذي هو الحكمة البالغة { يُفَصِّلُ الأَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } وقرئ بالياءِ فانّهم المنتفعُون بالتأمّل فيها.

{ (6) إنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لأَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } العواقب.

{ (7) إنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } لا يتوقّعُونه لإِنكارهم للبعث وذهولهم بالمحسوسات عما وراءها { وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا } مِن الآخِرة لغفلتهم عنها { واطْمَأَنُّواْ بِهَا } وسكنوا اليها سكون من لا يزعج عنها { وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ ءَاياتِنَا غَافِلُونَ } ذاهبون عن تأمّلها ذاهلون عن النّظر فيها.

{ (8) أُوُلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } بمَا واظبُوا عليه وتمرّنوا به من المعاصي.

{ (9) إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ } بسبب إيمانِهمْ للاستقامة على سلوك الطريق المؤدّي إلى الجنّة { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } لأنّ التمسّك بسبب السعادة كالوصُول إليها.

{ (10) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ } دعاؤهم فيها اللهم إنّا نسبحك تسبيحاً.

العياشي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن التسبيح فقال اسم من أسماءِ الله تعالى ودعوى أهل الجنّة { وَتَحِيَّتـُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَءَاخِرُ دَعْواهُمْ } وخاتمة دعائهم { أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِِينَ }.

السابقالتالي
2