الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }

{ (5)إيّاكَ نَعْبُدُ } في تفسير الإِمام عليه السلام قال الله تعالى: قُولوا يا أيّها الخلق المنعم عليهم إِيّاك نعبد أيّها المنعم علينا نطيعك مخلصين موحّدين مع التذلل والخضوع بلا رياء ولا سمعة.

وفي رواية عامية عن الصادق عليه السلام: يعني لا نريد منك غيرك لا نعبدك بالعوض والبدل كما يعبدك الجاهلون بك المغيبون عنك.

أقول: إِنّما انتقل العبد من الغيبة إلى الخطاب لأنه كان بتمجيده (لتمجيده خ ل) لله سبحانه وتعالى يتقرب إِليه متدرجاً إلى أن يبلغ في القرب مقاماً كأنّ العلم صار له عياناً والخبر شهوداً والغيبة حضوراً.

{ وَإِيّاكَ نَسْتَعِيْنُ }: على طاعتك وعبادتك وعلى دفع شرور أعدائك ورد مكائدهم والمقام على ما أمرت، كذا في تفسير الإمام عليه السلام. قيل: المستتر في نعبد ونستعين للقاري ومن معه من الحفظة وحاضري صلاة الجماعة أوله ولسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عباداتهم وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها وتجاب إليها ولهذا شرعت الجماعة وقدّم إِيّاك للتعظيم له والاهتمام به وللدلالة على الحصر.

{ (6) إهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }: في المعاني وتفسير الإمام عن الصادق عليه السلام يعني أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك والمبلغ إلى جنّتك والمانع من أن نتّبع أهواءنا فنعطب أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام: يعني أدِمْ لنا توفيقك الذي أطعناك به في ماضي أيامنا حتّى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا.

أقول: لما كان العبد محتاجاً إلى الهداية في جميع اموره آناً فآناً ولحظة فلحظة فادامة الهداية هي هداية أخرى بعد الهداية الأولى فتفسير الهداية بإِدامتها ليس خروجاً عن ظاهر اللفظ. وعنه عليه السلام الصراط المستقيم في الدنيا ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام وفي الآخرة طريق المؤمنين إلى الجنّة.

وفي المعاني عن الصادق عليه السلام: وهي الطريق إلى معرفة الله وهما صراطان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة فأما الصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنّم في الآخرة ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردّى في نار جهنّم.

وعنه عليه السلام: ان الصراط أمير المؤمنين عليه السلام.

وفي رواية أخرى: ومعرفته.

وفي أخرى: أنه معرفة الامام، وفي اخرى: نحن الصراط المستقيم.

والقمّي عنه عليه السلام: الصراط أدقّ من الشّعر وأحدّ من السيف فمنهم من يمر عليه مثل البرق ومنهم من يمر عليه مثل عدو الفرس ومنهم من يمر عليه ماشياً ومنهم من يمر عليه حبواً ومنهم من يمر عليه متعلقاً فتأخذ النار منه شيئاً وتترك شيئاً. وفي رواية أخرى: أنه مظلم يسعى الناس عليه على قدر أنوارهم.

السابقالتالي
2