الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ }

ثم بيَّن الغاية في إرسال الرسل، وتنزيلِ الكتاب بقوله:

{ لِتُنذِرَ }:

بهذا القرآن، وتُعَلِّمَ بهذا الكتابَ والحكمة.

{ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ }:

الأقدمونَ، وأشياخُهم الماضون بهذه المعارف الغامضة، الأبيّة، والمقاصد الشريفة الإلهية، خصوصاً علم المعاد، وبعض أحوال المبدء مما لا تستقل به العقول، ولا يدركُه أحدٌ إلا بمتابعة أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

{ فَهُمْ غَافِلُونَ } [6]:

عمَّا وراءَ طَوْرِ العقل، كما يغفل سائر عوامِّ الناس وأصحاب الحواس، عما يدركه الأكياسُ بدقة عقولهم، من غير استيناس بالقرآن ولا اقتباس.

وقوله: { قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ } صفة وموصوف، من باب وصف الشيء بحال متعلقه، اي " قوماً غير منذر آباؤهم " على نحو قوله:لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ } [القصص:46].

والمعنى - والله أعلم - أن الاديان والعلوم لم تكن في الازمنة الماضية والامم السابقة، بهذه المثابة، من التمامية والكمال، والتقديس عن النقص والشر والوبال، كما في قوله تعالى:كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } [البقرة:151].

وعن قتادة: لانهم كانوا في زمان الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام. وعن الحسن: لم يأتهم نذير من أنفسهم وقومهم وان جاءهم من غيرهم. وقيل: معناه: لم يأتهم مَن أنذَرَهُم بالكتاب حسب ما أتيت، وهذا على قول من قال: كان في العرب قبل نبينا صلى الله عليه وآله من هو نبي كخالد بن سنان، وقس بن ساعدة، وهذا الوجه قريب مما ذكرناه أوّلاً، فافهم.

ومنهم من جعل " ما " مصدرية، او موصولة منصوبة على المفعولية الثانوية، فيكون الكلام على هذين الوجهين، لإثبات الإنذار السابق لا لِنَفْيِه، أي: لتنذر قوماً انذارَ آبائهم. او: لتنذر قوماً ما انذر آباؤهم من العذاب وغيره، فقوله: " فهم " متعلق على الاول بالنفي، يعني: عدم الانذار منشأ غفلتهم وذهولهم. وعلى الثاني، متعلق بالانذار، من باب تعلق السبب المستدعي لشيء به، كما تقول: عِظْ فلاناً فإنه غافل، أو: فهو غافل.