الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ٱهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

قرأ أهلُ المدينة النبيئين بالهمزة، والباقون بغير الهمزة.

والطَّعام: ما يتغذّى به. والطُّعْم - بضم الطاء -: الأكل. والطَّعم من الكيفيات المحسوسة بحاسَّة الذوق، والمراد من تلك الكيفيّات المسمّاة بالمحسوسات هي الموجودة في الخارج. وأمّا التي وُجدت منها في المشاعِر من صوَرها المطابقة لها، فهي بحسب ذلك الوجود الصوري ليست عندنا داخلة في هذا الجنس بل في جنس الكيفيّات النفسانيّة كالشهوة والغضب، والإرادة والكراهة، والعلْم والجهْل.

وفي ذلك سرّ المعاد وحشر الأجساد، فإنّ لهذه الموجودات وأشكالها ومقاديرها، وألوانها، وطعومها، وروائحها، وأصواتها، وجوداً في عالَم النفس، غير هذا الوجود المادّي، الدنيوي، الدائر الفاسد.

والدُّعاء أصله النداء. ويستعمل في قول القائل لمن فوقه: " إفعَل كذا ".

والإنبات: إخراج النبات، لكنّ الله لا يباشِر هذا الفعل الدنيّ إلاّ باستخدام بعض الملائكة الأرضيّة، بعد استخدامه للملائكة السماويّة.

والبَقْل: ما يَنبت في الربيع من الخُضراوات التي ليس لها ساق. يقال: " بَقَلت الأرضُ " و " أبقلت " وهما لغتان فصيحتان.

و " القِثَّاء " فيها لغتان: ضم القاف وكسرها. والثاني أجود لأنّه لغة القرآن. وقرئ في الشواذّ بالضم.

والفُوم: الحِنطة عن ابن عباس، وقتادة، والسدّي. وهو المرويّ عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وقال الفرّاء، والأزهري: هو الحِنطة والخبْز. قال العرب: " فُوموا لنا " أي: اختبزوا لنا. وقال قوم: هو الحبوب التي تُخبز. وقال الكسائي: هو الثوم. أُبدل " ثاؤه " " فاءً ". قال الفرّاء: هذا أشبه بما ذكره بعده من البصَل. وقال الزجّاج: وهذا بعيد، لأنّه لا يعرف " الثوم " بمعنى " الفوم ".

قال الطبرسي - ره - " وهو ضعيف. لأنّه قد روي في الشواذّ عن ابن مسعود وابن عباس: وثومها ".

وفيه نظر. لأنّ الذي روي من قراءة " ثومها " بدل " فومها " لا يدلّ على كونهما مترادفين قطعاً.

وقوله: { أَدْنَىٰ } أي أقرب وأدون. فيكون من الدنوّ، ويجوز أن يكون من الدناءة بمعنى الخسَّة.

والمِصْر: البلد العظيم. وأصله الحدّ بين الشيئين، وقد يراد به العَلَم. وتنوينه وصرفه لسكون الوسط. أو على تأويل البلَد. وقيل: أصله: مصيرائيم باليائين فعرِّب.

و { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } أي: فُرضت، ووُضعت وألزموها، كما في قولهم: ضَرب الإمامُ الجزيةَ على أهل الذمّة، وضرَب الأميرُ على الرعيّة الخراجَ.

و " المَسْكَنَة " مصدر المِسكين، وهي الفاقَة والحاجة.

{ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ } أي: انصرفوا ورجعوا. أو استووا. من قولك: " باء فلان بفلان " إذا كان حقيقاً بأن يقتل به لمساواته له ومكافأته. أي صاروا أحقّاء بغضبه. و " بَاءَ " لا يُستَعمل إلاّ في الشرّ.

السابقالتالي
2 3 4