الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ }

الاستسقاء: طلب السُّقيا. ويقال: " سَقَيتُه وأسقَيتُه " بمعنى. وقيل: أسقيتُه: دللتُه على الماء.

وعَصا وعَصَوان وثلاث أعصٍ. وجمعه عِصِيّ - بكسر العين والصاد، وتشديد الياء -.

والانفِجار: الانشقاق. والانبِجاس أضيَق منه.

والعَيْن: من الأسماء المشتركة، ويمكن أن يكون استعمالها في بعض المعاني على سبيل المجاز والتشبيه. فالعَين في الحيوان مشبّهة بالعين في الماء في خروج الدمع منها كخروج الماء. وبالعين في الشمس في خروج الشعاع منها.

والأُنَاس جمع لا واحد له من لفظه.

{ وَلاَ تَعْثَوْاْ } أي: لا تفسدوا ولا تطغوا.

وقرئ: اثنتا عشرة - بكسر الشين وبفتحها - وهما لغتان، أولاهما لغة أهل الحجاز. لكن القرّاء السبعة بأجمعهم على إسكان الشين لأنّه أخفّ.

والمعنى: أذكروا نعمة أخرى أنعمها الله عليكم مضافة إلى النعم السابقة. وهي النعمة التاسعة منه تعالى على بني إسرائيل، جامعة للنشأتين. أمّا الدنيا فلشدّة حاجتهم إلى الماء عند الظمإ في التيه، وأمّا الآخرة فلكونها من أظهر الدلائل على وجود صانع، عليم، حكيم، رؤوف، رحيم، وعلى صدْق نبيِّهم موسى (عليه السلام).

{ وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ } أي: سأل الله أن يسقي قومَه ماء، وذلك في الحال التي تاهوا في التيه، فشكوا إلى الله الظمأ، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك الحجَر، وهو عصاه المعروف، وكان من آس الجنّة دفعه إليه شعيب، وكان آدم (عليه السلام) حمله من الجنّة معه إلى الأرض، وكان طوله عشرة أذرع على طول موسى، وله شعبتان تتّقدان في الظلمة نوراً، وبه ضرَب البحر فانفلَق، وهو الذي صار ثُعباناً.

واللام في الحجَر إمّا للعهد والإشارة إلى حجَر معلوم، إذ رُوي أنّه حجَرٌ طوريٌّ حملَه معه، وكان مربّعاً له أربعة أوجه تنبع من كل ثلاثة أعين، لكلّ سبط عين تسيل في جدول إلى ذلك السبط، وكانوا ستّمائة ألف، وسعة المعسكر إثني عشر ميلاً. وكانوا لا يرتحلون مَنقَلة إلاّ وجدوا ذلك الحجَر منهم بالمكان الذي كان به منهم في المنزل الأوّل.

وقيل: أهبطه آدم (عليه السلام) من الجنّة، فتوارثوه حتى وقَع إلى شُعيب (عليه السلام)، فدفَعه إلى موسى (عليه السلام) مع العصا.

وقيل: هو الحجَر الذي وضع عليه ثوبَه حين اغتسل إذ رموه بالأدرة، ففرَّ به فقال جبرائيل: يقول الله تعالى: " ارفَع هذا الحجَر، فإنّ لي فيه قُدرة، ولك فيه معجزة " فحمَله في مخلاته.

وإمّا للجنس أي: اضرب الشيء الذي يقال له الحجَر. وعن الحسن: لم يؤمر أن يَضربَ حجَراً بعينه قال: وهذا أظهر في الحجَّة، وأبيَن في القُدرة.

وروي أنّهم قالوا: " كيف بنا لو أفضينا إلى أرض ليست فيها حجارة " فحمَل حجَراً في مخْلاته، فحيث ما نزلوا ألقاه.

السابقالتالي
2 3 4 5