الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }

قيل: الرِجْز - بكسر الراء -: العذاب في لغة أهل الحجاز، وهو غير الرجس. لأنّ الرجس: النتن. وقال الزجّاج: " إنّ الرِّجز والرجس معناهما واحد ".

والظاهر أنّ الرجز قد يجيء بمعنى العذاب، كما في قوله تعالى:وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ } [الأعراف:134]. يعني: العقوبة. وكذا قوله: { وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ }. وهو نجاسة معنويّة. كما أنَّ التوبة طهارة قلبيّة. والرجْس في الأصل ما يعاف عنه.

والمعنى خالَفوا الأمر وبدّلوا ما أمروا به من التوبة والاستغفار، فلم يفعلوا ولم يقولوا قولاً دالاًّ على التوبة طلباً لما اشتهوا من أغراض الدنيا ودواعي النفس والهوى. فقالوا غير ذلك، فاستحقّوا العذاب. فأنزلنا عليهم العقوبة من السماء بظلمهم وفِسقهم.

ومن هاهنا علم أنّ المأمور به لم يكن لفظاً بعينه، وهو لفظ " الحطّة " فجاؤوا بلفظ آخر، وذلك لأنّه لو فُرض أنّهم جاؤوا بلفظ آخر يفيد هذا المعنى مستقلاًّ بمعنى ما أُمروا به لم يستحقّوا المؤاخذة والعذاب، ولم يكونوا ظالمين بوضع لفظ في غير موضعه. كما لو قالوا مكان لفظ " حطّة ": " نستغفرُك ونتوبُ إليك " أو: " اللَّهم اغفر لنا ذنوبَنا واعفُ عنّا سيّئاتِنا " وما يجري مجراه.

واختُلف في ذلك الغير، فقيل: إنّهم قالوا بالسريانية: " هطا شمقاتا ".

في تفسير مولانا الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام): إنّهم دخلوها مستقبليها بأستاهم وقالوا: " هيطا شمقاتا " أي حنطة حمراء نتقوّتها أحب إلينا من هذا الفعل وهذا الأمر.

وقيل: قالوا: " حنطة " تجاهُلاً واستهزاء.

وقيل: كانوا قد أُمروا أن يدخلوا الباب سجّداً، وقد صغّر لهم الباب توطئة لذلك، فدخلوه راجعين على أستاهم، فخالَفوا في القول والدخول جميعاً.

وهمٌ

ومن الناس من يحتجّ بهذه الآية على وجوب التوقيف في الأدعية الواردة، وعدم تبديلها بلفظ آخر.

والجواب: إنّهم إنّما استحقّوا العذاب لتبديلهم القول إلى قول آخر مضادّ له في المعنى، فمَن بدّل لفظاً بلفظ آخر مع بقاء المعنى، لم يظهر من هذه الآية استحقاقه للذمّ.

فصل

واعلم أنّ هاهنا سؤالات:

الأول: لِمَ قال في سورة البقرة: { إِذْ قُلْنَا } وقال في الأعراف:وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ } ؟ [الأعراف:161].

الثاني: لِمَ قال هاهنا: { وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ } وفي الأعراف:ٱسْكُنُواْ } ؟ [الأعراف:161]

الثالث: لِمَ قال هاهنا: { فَكُلُواْ } بالفاء، وفي الأعراف: { وَكُلُوا } بالواو؟

والرابع: لِمَ قال هاهنا: { نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ } وفي الأغراف:نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيۤئَاتِكُمْ } ؟ [الأعراف:161]

والخامس: لِمَ ذكر قوله: { رَغَداً } هاهنا، وحذَفه في الأعراف؟

السادس: لِمَ ذكر هاهنا:وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ } [البقرة:58] وفي الأعراف قدم المؤخر؟

السابع: لِمَ قال هاهنا:وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } [البقرة:58] مع الواو. وفي الأعراف بدونها؟

الثامن: قال في الأعراف: { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً } وهاهنا بدون لفظ { مِنْهُمْ } فما الفائدة في هذه الزيادة؟

التاسع: لِمَ قال هاهنا: { فَأَنزَلْنَا } عليكم { رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } وفي الأعراف:

السابقالتالي
2