الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

لما قدّم تعالى ذكر نعمته على بني إسرائيل إجمالاً في قولهٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } [البقرة:40]. بيَّن بعد ذلك تفصيل تلك النعم؛ ليكون أوقَع في التذكير، وأبلغ في الحجّة عطفاً عليه، كأنّه قال: " اذكروا نعمتي، واذكروا إذ أنجيناكم، وإذ فرَقنا بكم البَحر " كعطف جبرائيل، وميكائيل على الملائكة في قوله:وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } [البقرة:98].

والإنجاء والتنجية بمعنى واحد وهو التخليص. ولهذا قرئ: { وَأَنْجَيْنَاكُمْ } ويقال للمكان المرتفع: " نَجْوة ". لأنّ الصائر إليه ينجو من كثير من المضارّ، ولأنّ المكان العالي بائنٌ مما انحطّ عنه، فكأنّه متخلّص منه. وربما يفرق بينهما بأنّ الإنجاء يستعمل في الخلاص قبل وقوعه في المهلكة، والتنجية يستعمل في الخلاص بعد وقوعه في المهلكة.

وفي الكشاف: " أصل " آل " أهْل. ولذلك يصغّر بأُهيل - ابدل هاؤه ألِفاً - وخصَّ استعماله بأهل الخطر والشأن كالملوك وأشباههم. ولا يقال: آل الأسكاف والحجّام ".

وحكى الكسائي: " اويل " فزعموا أنّها ابدلت، كما قالوا: " هيهات " و " ايهات ". وقيل: " لا - بل هو أصلٌ بنفسه ". وقال علي بن عيسى: " الأهل أعم من الآل. يقال: أهل الكوفة. وأهل البلد. وأهل العلم. ولا يقال: آل الكوفة. وآل البلد. وآل العلم ". قال أبو عبيدة: " سمعت أعرابياً فصيحاً يقول: أهل مكة آل الله. فقلنا: ما تعني بذلك؟ قال: أليسوا مسلمين؟ المسلمون آل الله ". وقال ابن دريد: " آل كلّ شيء شخصه. وآل الرجل أهله وقرابته ".

والظاهر الآل مأخوذ من الأوْل - وهو الرجوع - فكلّ من يَؤول إلى أحد بنسَبٍ أو قرابة جسمانيةٍ أو معنويّة فهو آله. وأهله: كلّ من يضمّه بيته.

قال بعض الأفاضل: " آل النبي كلّ من يؤول إليه. وهم قسمان: الأوّل: من يؤول إليه مآلا صوريّاً جسمانيّاً، كأولاده ومن يحذو حذوهم من أقاربه الصوريين، الذي يحرم عليهم الصدقة. والثاني: من يؤول إليه مآلا معنويّاً روحانيّاً، وهم أولاده الروحانيّون من العلماء الراسخين، والأولياء الكاملين، سواء سبقوا بالزمان أو لحقوه.

ولا شكّ أنّ النسبة الثانية آكد من الأولى، وإذا اجتمعت النسبتان كان نوراً على نور، كما في الأئمة المشهورين من العترة الطاهرة - صلوات الله عليهم أجمعين -.

وكما حرم على الأولاد الصوريّين الصدقة الصوريّة، " حرم على الأولاد المعنويّين الصدقة المعنويّة، أعني تقليد الغير في العلوم والمعارف " انتهى كلامه تلخيصاً.

وآل الخيمة: عَمَده. وآل السفينة: ألواحه. وآل الجبل: أطرافه ونواحيه.

وفِرعون: اسم لملِك العَمالِقة. كما يقال لملِك الروم: قيصر، ولملِك القُرس: كِسرى، ولملك التُرك: خاقان، ولملك اليَمن: تبَّع.

السابقالتالي
2 3 4 5