الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

بين الله تعالى في هذه الآية ان السبيل والطريق بالعقاب والحرج انما هو للذين يطلبون الاذن من رسول الله في المقام، وهم مع ذلك اغنياء يتمكنون من الجهاد في سبيل الله، الراضين بكونهم مع الخوالف من النساء والصبيان ومن لا حراك به. ثم قال: وطبع الله على قلوبهم بمعنى وسم قلوبهم بسمة تعرفها الملائكة فيميزون بينهم وبين غيرهم من المؤمنين، ويحتمل أن يكون المراد انه بمنزلة المطبوع في أن لا يدخلها الايمان كما لو طبعوا على الكفر. ومثله قوله { صم بكم عمي } ومعناه لترك تلفظهم بالحق وعدولهم عن سماع الحق وانصرافهم عن النظر إلى الصحيح كأنهم صم بكم عمي، وهم لا يعلمون ذلك، ولا يدرون إلى ما يصير أمرهم من عقاب الابد، ولا يعرفون ما يلزمهم من احكام الشرع ما يعرفه المؤمنون. وقال البلخي: معناه لالفهم للخلاف والمعصية كأنهم لا يعلمون، والتقدير ان حكم هؤلاء المذكورين بهذه الاوصاف بخلاف من قد تحصن من العقاب بالايمان، لأنهم قد فتحوا على انفسهم ابواب العذاب.