الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }

أخبر الله تعالى بأن المنافقين الذين يظهرون الايمان ويسرون الكفر بعضهم من بعض. والمعنى إن بعضهم يضاف إلى بعض بالاجتماع على النفاق، كما يقول القائل لغيره: أنت مني وأنا منك والمعنى إن أمرنا واحد لا ينفصل. وقيل: بعضهم من بعض فيما يلحقهم من مقت الله وعذابه أي منازلهم متساوية في ذلك. ثم أخبر أن هؤلاء المنافقين يأمرون غيرهم بالمنكر الذي نهى الله عنه وتوعد عليه من الكفر بالله ونبيه وجحد آياته { وينهون عن المعروف } يعني الأفعال الحسنة التي أمر الله بها وحث عليها، وانهم يقبضون ايديهم اي يمسكون أموالهم عن انفاقها عن طاعة الله ومرضاته وهو قول قتادة، وقال الحسن ومجاهد: أراد إمساكها عن الانفاق في سبيل الله. وقال الجبائي: أراد به إمساك الايدي عن الجهاد في سبيله الله.

وقوله { نسوا الله فنسيهم } معناه تركوا امر الله يعني صار بمنزلة المنسي بالسهو عنه فجازاهم الله بأن صيرهم بمنزلة المنسي من ثوابه ورحمته، وذكر ذلك لازدواج الكلام. وقال قتادة: اي نسوا من الخير ولم ينسوا من الشر. ثم اخبر تعالى فقال { إن المنافقين } الذين يخادعون المؤمنين باظهار الايمان مع ابطانهم الكفر { هم الفاسقون } الخارجون عن الايمان بالله وبرسوله وعن طاعاته.