الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ }

قرأ اهل الكوفة الا عاصما { أن يقبل } بالياء. الباقون بالتاء. وجه قراءة من قرأ بالياء ان التأنيث ليس بحقيقي فجاز أن يذكر كقولهفمن جاء موعظة } ومن قرأ بالتاء فعلى ظاهر التأنيث.

والمنع أمر يضاد الفعل وينافيه. والمعنى ها هنا أن هؤلاء المنافقين منعوا انفسهم ان يفعل بهم قبول نفقاتهم، كما يقول القائل: منعته بري وعطائي.

وقوله { أن تقبل } في موضع نصب، وتقديره وما منعهم من أن تقبل وحذف (من). وقوله { إلا أنهم كفروا بالله ورسوله } انهم في موضع رفع والعامل في اعراب انهم يحتمل احد امرين: احدهما - ما منعهم من ذلك إلا كفرهم. والثاني - أن يكون تقديره ما منعهم الله منه إلا لأنهم كفروا بالله. وعندنا ان الكافر لا يقع منه الانفاق على وجه يكون طاعة، لأنه لو أوقعها على ذلك الوجه لاستحق الثواب. والاحباط باطل، فكان يؤدي إلى ان يكون مستحقاً للثواب. وذلك خلاف الاجماع وعند من خالفنا من المعتزلة وغيرهم يصح ذلك، غير انه ينحبط بكفره فأما الصلاة فلا يصح أن تقع منهم على وجه تكون طاعة بلا خلاف، لأن الصلاة طريقها الشرع فمن لا يعترف بالشرع لا يصح أن يوقعها طاعة، وليس كذلك الانفاق، لأن العقل دال على حسنه غير انهم وإن علموا ذلك لا يقع منهم كذلك على ما بيناه.

وقوله { ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى } اي يقومون اليها على وجه الكسل وذلك ذم لهم بانهم يصلون الصلاة على غير الوجه الذي امروا به، من النفاق الذي يبعث على الكسل عنها دون الايمان الذي يبعث على النشاط لها.

وقوله { ولا ينفقون إلا وهم كارهون } اخبار منه تعالى بأنهم لا ينفقون ما ينفقونه لكونه طاعة بل ينفقونه كارهين لذلك وذلك يقوي ما قلناه.