الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

قرأ ابو جعفر وابن فرج عن البزي { إنما النسيّ } من غير همز قلب الهمزة ياء وادغم الياء الاولى فيها فلذلك شدد.. الباقون { النسيء } ممدود مهموز على وزن فعيل. وروي عن ابن مجاهد وابن مسعود عن عبيد بن عقيل عن شبل عن ابن كثير " النسء " على وزن النسع. وقرأ اهل الكوفة إلا أبا بكر { يضل } بضم الياء وفتح الضاد. وقرأ يعقوب بضم الياء وكسر الضاد. الباقون بفتح الياء وكسر الضاد. قال ابو علي: وجه قراءة ابن كثير اذا قرأت على وزن النسع ان { النسيء } التأخير. قال ابو زيد: نسأت الابل في ظمئها يوماً او يومين او اكثر من ذلك، والمصدر { النسيء } ويقال: الابل نسأتها على الحوض وأنا أنسأنها نسئاً إذا اخرتها عنه. قال: وما روي عن ابن كثير من قراءته بالياء فذلك على ابدال الياء من الهمزة، ولا أعلمها لغة في التأخير، كما ان ارجيت لغة في ارجأت. وما روي فيه من التشديد فعلى تخفيف الهمز، لأن النسيّ بتشديد الياء على وزن فعيل بالتخفيف قياسي. وسيبويه لا يجيز نحو هذا القلب الذي في النسيء الا في ضرورة الشعر. وابن زيد يراه ويروي كثيراً عن العرب. ومن قرأ بالمد والهمز فلأنه اكثر هذا في المعنى. قال أبو زيد: أنسأته الدين إنساء إذا أخترته واسم ذلك النسيئة والنسأ. وكان النسيء في الشهور تأخير حرمة شهر إلى شهر ليست له تلك الحرمة فيحرمون بهذا التأخير ما أحل الله ويحلون ما حرم الله. والنسيء مصدر كالنذير والنكير وعذير الحي. ولا يجوز أن يكون (فعيلا) بمعنى مفعول لأنه حمل على ذلك كأن معناه انما المؤخر زيادة في الكفر. والمؤخر الشهر وليس الشهر نفسه بزيادة في الكفر، وانما الزيادة في الكفر تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر ليست له تلك الحرمة. وقال ابو عبيدة فيما روى عن الثوري من قوله: انما النسيء زيادة في الكفر، قال: كانوا قد وكلوا قوماً من بني كنانة يقال لهم: بنوا فقيم وكانوا يؤخرون المحرم وذلك نساء الشهور لا يفعلون ذلك الا في ذي الحجة اذا اجتمعت العرب للموسم، فينادي مناد أن افعلوا ذلك لحاجة او لحرب، وليس كل سنة يفعلون ذلك، فان ارادوا ان يحلوا المحرم نادوا هذا صفر وان المحرم الاكبر صفر، وربما جعلوا صفراً محرماً مع ذي القعدة حتى يذهب الناس إلى منازلهم إذا نادى المنادي بذلك، وكانوا يسمون المحرم صفراً ويقدمون صفراً سنة ويؤخرونه. وقال الفراء: والذي يتقدم به رجل بني كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة وكان رئيس الموسم، فيقول: أنا الذي لا أعاب ولا أجاب ولايرد لي قضاء فيقولون: نعم صدقت انسئنا شهراً او أخر عنا حرمة المحرم واجعلها في صفر وأحل المحرم فيفعل ذلك.

السابقالتالي
2