الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

معنى { ثم } ها هنا العطف على الفعل الاول، وقد ذكرت { ثم } في ثلاثة مواضع متقاربة: فالاول - عطف على ما قبلها. والثانية - عطف على { وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته } والثالثة - عطف على (أنزل.. ثم يتوب) وانما حسن عطف المستقبل على الماضي لانه مشاكله فان الأول تذكير بنعمه والثاني وعد بنعمه.

والتوبة هي الندم على ما مضى من القبيح، والعزم على أن لا يعود إلى مثله إما في الجنس او في القبح على الخلاف فيه، فشرط الندم بالعزم، لان الندم إنما هو على الماضي والعزم على ما يستقبل، فلو لم يجتمعا لم تكن توبة. ومعنى { ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء } انه يقبل التوبة من بعد هزيمة من انهزم. ويجوز أن يكون المراد بعد كفر من كفر يقبل توبة من يتوب ويرجع إلى طاعة الله والاسلام ويندم على ما فعل من القبيح { على من يشاء } وإنما علقه بالمشيئة، لأن قبول التوبة واسقاط العقاب عندها تفضل - عندنا - ولو كان ذلك واجباً لما جاز تعلق ذلك بالمشيئة كما لم يعلق الثواب على الطاعة والعوض على الألم في موضع بالمشيئة. ومن خالف في ذلك قال: إنما علقها بالمشيئة، لأن منهم من له لطف يؤمن عنده فالله تعالى يشاء أن يلطف له مع صرف العمل في ترك التوبة إلى الله.

وقوله { والله غفور رحيم } معناه انه ستار للذنوب لا يفضح احداً على معاصيه بل يسترها عليه إذا تاب منها، وهو رحيم بعباده.