الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَىٰ ٱلزَّكَٰوةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ }

اخبر الله تعالى في هذه الآية انه ينبغي الا { يعمر مساجد الله } إلا { من آمن بالله } واقر بوحدانيته واعترف باليوم الآخر يعني يوم القيامة ثم اقام بعد ذلك { الصلاة } بحدودها. وأعطى { الزكاة } الواجبة - ان وجبت عليه - مستحقيها ولم يخف سوى الله احداً من المخلوقين، فاذا فعلوا ذلك فانهم { يكونوا من المهتدين } إلى الجنة ونيل ثوابها، لان عسى من الله واجبة ليست على طريق الشك، وهو قول ابن عباس والحسن. وقال قوم: انما قال عسى ليكونوا على طريق الحذر، مما يحبط اعمالهم، ويدخل في عمارة المساجد عمارتها بالصلاة فيها، والذكر لله. والعبادة له، لأن تجديد احوال الطاعة لله من أوكد الاسباب التي تكون بها عامرة، كما ان اهمالها من اوكد الأسباب في اخرابها، وذكر قوله { وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله } بعد ذكر قوله { من آمن بالله واليوم الآخر } يدل على ان الايمان لا يقع على افعال الجوارح، لانه لو كان الايمان متناولا لذلك اجمع لما جاز عطف ما دخل فيه عليه. ومن حمل ذلك على ان المراد به التفصيل وزيادة البيان فيما يشتمل على الايمان تارك للظاهر. والخشية انزعاج النفس لتوقع ما لا يؤمن من الضرر تقول: خشي يخشى خشية فهو خاش، ومثله خاف يخاف خوفاً ومخافة، فهو خائف. والخاشي نقيض الآمن. والاهتداء المذكور في الآية هو التمسك بطاعة الله التي تؤدي إلى الجنة وفاعلها يسمى مهتدياً.