الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ }

قرأ أهل الكوفة وابن عامر { أئمة } بهمزتين، إلا هشاماً عن ابن عامر فانه فصل بين الهمزتين بالف. الباقون بهمزة واحدة وياء بعدها. وفصل بينهما بالف ابو جعفر والمرى عن المسيبي والسوسنجرذي عن يزيد بن اسماعيل. وقرأ ابن عامر والحسن { لا إيمان لهم } بكسر الألف. الباقون بفتحها. والكسر يحتمل وجهين: احدهما - انهم ارتدوا، ولا إسلام لهم، ذكره الزجاج قال: ويجوز { لا إيمان لهم } على المصدر، وتقديره لا تأمنوهم بعد نكثهم العهد. والآخر - لانهم كفروا { لا إيمان لهم } ويحتمل أن يكون المراد أنهم آمنوا إيماناً لا يفون به فلا إيمان لهم. ومن فتح الهمزة فلقوله: { وإن نكثوا أيمانهم } ولقوله { عهدهم } وأثبت لهم الايمان. فان قيل كيف نفى فقال { إنهم لا أيمان لهم } وقد اثبتها في الأول من الآية بقوله { وإن نكثوا أيمانهم }؟!

قلنا: اليمين التي اثبتها هي ما حلفوا بها وعقدوا عليها، ولم يفوا، وانما المراد به انهم لا أيمان لهم يفون بها، ويتمسكون بموجبها. وقال ابو علي النحوي { أئمة } على وزن " افعلة " جمع إمام نحو مثال وامثلة فصار أئمة، واجتمع همزتان الف أفعلة، والهمزة التي هي فاء الفعل، والتي هي فاء الفعل ساكنة فنقل اليها حركة التي بعدها ليمكن النطق بها. فمن خففها اتى بالهمزتين الاولى مفتوحة والثانية مكسورة. ومن كره ذلك قلب الثانية ياء ولم يجعلها بين بين، لأن همزة بين بين في تقدير التحقيق وذلك مكروه عندهم. وقال الرماني: انما جاز اجتماع الهمزتين في كلمة، لئلا يجتمع على الكلمة تغيير الادغام والانقلاب مع خفة التحقيق لأجل ما بعده من السكون، وهو مذهب ابن ابي اسحاق من البصريين. والباقون لا يجيزونه، ذكره الزجاج، قال: لانه يلزم عليه ان يقرأ " أأم " بهمزتين وذلك باطل بالاتفاق. وعلى هذا القول هذا أأم بهمزتين، قال: وانما قلبت الهمزة في أئمة على حركتها دون حركة ما قبلها، لان الحركة إنما نقلها إلى الهمزة لبيان زنة الكلمة، فلو ذهبت تقلبها على ما قبلها لكان مناقضاً للغرض فيها واذا بنيت من الامامة هذا افعل من هذا قلت هذا أوم من هذا - في قول المازني - لأن اصله كان أأم فلم يمكنه ان يبدل منها الفاء لاجتماع الساكنين، فجعلها واواً كما قالوا في جمع آدم أوادم. قال الزجاج: وهو القياس وهذا ايم من هذا في قول الأخفش، قال: لانها صارت الياء في أيمة بدلا لازماً.

وقوله { وإن نكثوا أيمانهم } فالنكث نقض العهد الذي جعل لتوثيق الامر وذلك بالخلاف لما تقدم من العزم. و " الأيمان " جمع يمين، وهو القسم والقسم هو قول عقد بالمعنى لتأكيده، وتغليظ الأمر فيه نحو والله ليكونن وتالله ما كان، فيجوز أن يكون من اعطى صفقة بيمينه، ويجوز أن يكون من يمن التيسير في فعله.

السابقالتالي
2