الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

هذا امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله أن يقول للمكلفين { اعملوا } ما أمركم الله به من الطاعة واجتنبوا معاصيه فان الله { سيرى عملكم ورسوله والمؤمنون } وفي ذلك ضرب من التهديد، كما قال مجاهد، والمراد بالرؤية ها هنا العلم الذي هو المعرفة ولذلك عداه إلى مفعول واحد، ولو كان بمعنى العلم الذي ليس بمعرفة لتعدّى إلى مفعولين، وليس لأحد أن يقول: ان اعمال العباد من الحركات يصح رؤيتها لمكان هذه الآية، لأنه لو كان المراد بها العلم لعداه إلى الجملة وذلك أن العلم الذي يتعدى إلى مفعولين ما كان بمعنى الظن، وذلك لا يجوز على الله وانما يجوز عليه ما كان بمعنى المعرفة. وروي في الخبر أن أعمال العباد تعرض على النبي صلى الله عليه وآله في كل اثنين وخميس فيعلمها، وكذلك تعرض على الأئمة عليهم السلام فيعرفونها، وهم المعنيون بقوله { والمؤمنون } ، وإنما قال { فسيرى الله } على وجه الاستقبال. وهو عالم بالأشياء قبل وجودها. لأن المراد بذلك انه سيعلمها موجودة بعد أن علمها معدومة وكونه عالماً بأنها ستوجد من كونه عالماً بوجودها إذا وجدت لا يجدد حال له بذلك. وقوله { وستردون إلى عالم الغيب والشهادة } معناه سترجعون إلى الله الذي يعلم السر والعلانية { فينبئكم } اي يخبركم { بما كنتم تعملون } ويجازيكم عليه.