الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } * { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } * { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } * { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } * { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } * { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } * { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } * { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } * { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } * { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ }

قرأ حمزة والكسائي وخلف { والوتر } بكسر الواو. الباقون بفتحها وهما لغتان. قال ابو عبيدة: الشفع الزكا والوتر الخسا. وقرأ نافع وابو عمرو { يسري } بياء فى الوصل دون الوقف. وقرأ ابن كثير بياء فى الوصل والوقف، وكذلك { بالوادي } الباقون بغير ياء فى وصل ولا وقف. من أثبت الياء، فلأنها الأصل ومن حذفها، فلأنها رأس آية والفواصل تحذف منها الياآت.

هذا قسم من الله تعالى بالفجر وليال عشر، وقسم منه بالشفع والوتر والليل إذا يسري، وجواب القسم قوله { إن ربك لبالمرصاد } و { الفجر } شق عمود الصبح فجره الله لعباده يفجره فجراً إذا أظهره في أفق المشرق مبشراً بادبار الليل المظلم وإقبال النهار المضيء، والفجر فجران: احدهما المستطيل، وهو الذي يصعد طولا كذنب السرحان ولا حكم له في الشرع، والآخر هو المستطير، وهو الذي ينشر في افق السماء، وهو الذي يحرم عنده الأكل والشرب لمن أراد الصوم في شهر رمضان، وهو ابتداء اليوم. وقال عكرمة والحسن: الفجر فجر الصبح.

وقوله { وليال عشر } قال ابن عباس والحسن وعبد الله بن الزبير ومجاهد ومسروق والضحاك وابن زيد: وهي العشر الأول من ذي الحجة شرفها الله تعالى ليسارع الناس فيها إلى عمل الخير واتقاء الشر على طاعة الله في تعظيم ما عظم وتصغير ما صغره، وينالون بحسن الطاعة الجزاء بالجنة. وقال قوم: هي العشر من أول محرم، والاول هو المعتمد.

وقوله { والشفع والوتر } قال ابن عباس وكثير من أهل العلم: الشفع الخلق بما له من الشكل والمثل، والوتر الخالق الفرد الذي لا مثل له، وقال الحسن: الشفع الزوج، والوتر الفرد من العدد، كأنه تنبيه على ما في العدد من العبرة بما يضبط لأنه من المقادير التى يقع بها التعديل. وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك: الشفع يوم النحر، والوتر يوم عرفه، ووجه ذلك أن يوم النحر مشفع بيوم نحر بعده، وينفرد يوم عرفه بالموقف وفي رواية أخرى عن ابن عباس ومجاهد ومسروق وابي صالح:، أن الشفع الخلق، والوتر الله تعالى. وقال ابن زيد: الشفع والوتر كله من الخلق. فقال عمران بن حصين: الصلاة فيها شفع وفيها وتر، وقال ابن الزبير: الشفع: اليومان الأولان من يوم النحر والوتر اليوم الثالث. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: الوتر آدم والشفع زوجته. قال ابو عبيدة: يقال أوترت ووترت.

وقوله { والليل إذا يسري } معناه يسير ظلاماً حتى ينقضي بالضياء المبتدئ ففي تسييره على المقادير المرتبة، ومجيئه بالضياء عند تقضيه في الفصول أدل دليل على أن فاعله يختص بالعز والاقتدار الذي يجلّ عن الأشباه والامثال.

وقوله { هل في ذلك قسم لذي حجر } أى لذي عقل - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والحسن - وقيل العقل الحجر، لانه يعقل عن المقبحات ويزجر عن فعلها، يقال: حجر يحجر حجراً إذا منع من الشيء بالتضييق، ومنه حجر الرجل الذي يحجر على ما فيه، ومنه الحجر لامتناعه بصلابته.

السابقالتالي
2