الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

اخبر الله تعالى بأن الذين هاجروا بعد هجرة من هاجر، وقيل أراد بعد الفتح وجاهدوا مع المؤمنين بأن قال { فأولئك منكم } ومعناه حكمهم حكمكم في وجوب موالاتهم ومواريثهم ونصرتهم. وقوله { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } قيل في معنى { كتاب الله } قولان:

احدهما - في كتاب الله من اللوح المحفوظ، كما قالما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها } والثاني - قال الزجاج: يعني في حكم الله.

ومعنى { أولوا } ذووا، واحده ذو، ولا واحد له من لفظه.

وفي الآية دلالة على ان من كان قرباه أقرب إلى الميت كان أولى بالميراث سواء كان عصبة او لم يكن او له تسمية او لم يكن لان مع كونه اقرب تبطل التسمية. ومن وافقنا في توريث ذوي الارحام يستثني العصبة، وذوي السهام.

وهذه الآية نسخت حكم التوارث بالنصرة والهجرة فانهم كانوا لا يورثون الاعراب من المهاجرين على ما ذكره في الايات الاول. ومن قال: الولاية في الاية الأولى ولاية النصرة دون الميراث يقول: ليست هذه ناسخة لها بل هما محكمتان.

ودخلت الفاء في قوله: { فاولئك } كما تقول الذي يأتيني فله درهم، لأن فيه معنى المجازات وقال مجاهد: في هذه الآيات الثلاث ذكر ما ولاية رسول الله بين المهاجرين والانصار في الميراث، ثم نسخ ذلك بآخرها من قوله { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } وقال عبد الله بن الزبير نزلت في العصبات كان الرجل يعاقد الرجل يقول ترثني وارثك فنزلت { وأولو الأرحام } إلى آخرها.

وقال الحسن: والذين آمنوا من بعد يعني بعد فتح مكة. وقوله { منكم } معناه مؤمنون مثلكم، ولا هجرة بعد فتح مكة، وقال: الهجرة إلى الامصار قائمة إلى يوم القيامة. وكان الحسن يمنع ان يتزوج المهاجر إلى اعرابية. وروي عن عمر انه قال: لا تنكحوا أهل مكة، فانهم اعراب.

وأكثر هذه السورة في قصة بدر. وكانت في صبيحة السابع عشر من شهر رمضان على رأس ثمانية عشر شهراً من الهجرة، من شهد هذه الواقعة فله الفضل.