الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ }

قوله { ذلك } إشارة من الملائكة للكفار إلى ما تقدم ذكره من قولهم { ذوقوا عذاب الحريق } قالوا ذلك العذاب { بما قدمت أيديكم } وموضع { بما قدمت أيديكم } يحتمل وجهين من الاعراب: أحدهما - الرفع بأنه خبر ذلك. والثاني - النصب بأنه متصل بمحذوف، وتقديره ذلك جزاؤكم { بما قدمت أيديكم } وإنما قيل بما قدمت أيديكم مع أن اليد لا تعمل شيئاً لتبين أنه بمنزلة ما يعمل باليد في الجناية، ولذلك لم يذكر القلوب، وإن كان بها معتمد العصيان، لانه قصد إظهار ما يقع به الجنايات في غالب الأمر وتعارف الناس. والتقديم ترتيب الشيء أولا قبل غيره: قدمه تقديماً وتقدم تقدما واستقدم استقداماً وتقادم عهده تقادماً واقدم على الأمر إقداما.

وقوله: { إن الله ليس بظلام للعبيد } العامل في " ان " يحتمل شيئين:

احدهما - أن يكون موضعه نصباً بتقدير وبأن الله او خفضاً على الخلاف فيه.

والثاني - ان يكون رفعاً بمعنى وذلك ان الله كما تقول ذلك هذا.

وإنما نفى المبالغة في الظلم عنه تعالى دون نفي الظلم رأساً، لأنه جاء على جواب من اضاف اليه فعل جميع الظلم، ولأن ما ينزل بالكفار لولم يكن باستحقاق لكان ظلماً عظيماً، ولكان فاعله ظلاماً.