الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ }

قرأ ابن عامر { إذ تتوفى } بتأءين فأدغم احدهما في الاخرى هشام عنه. الباقون بالياء والتاء. من قرأ بالتاء أسند الفعل إلى الملائكة كقولهإذ قالت الملائكة } ومن قرأ بالياء، فلان التأنيث غير حقيقي.

هذا خطاب من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله يقول الله تعالى له: { ولو ترى } الوقت الذي تتوقى الملائكة الذين كفروا بمعنى انهم يقبضون أرواحهم على استيفائها، لان الموت انما يكون باخراج الروح على تمامها. وجواب " لو " محذوف، وتقديره لرأيت منظراً عظيماً او امراً عجيباً او عقاباً شديداً، وحذف الجواب في مثل هذا أبلغ، لان الكلام يدل عليه. والمرئي ليس بمذكور في الكلام لكن فيه دلالة عليه لان تقديره: لو رأيت الملائكة يضربون من الكفار الوجوه والادبار، وحذفه ابلغ وأوجز مع أن الكلام يدل عليه. وقال مجاهد وسعيد بن جبير: معنى أدبارهم استاههم لكنه كنى عنه. وقال الحسن: معناه ظهورهم. وقال ابو علي: المعنى ستضربهم الملائكة عند الموت. قال الرماني: وهذا غلط، لأنه خلاف الظاهر، وخلاف الاجماع المتقدم أنه يوم بدر. وروى الحسن: ان رجلا قال يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشرك، فقال: ذاك ضرب الملائكة. وروي عن مجاهد ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله اني حملت على رجل من المشركين فذهبت لاضربه فبدر رأسه، فقال: سبقك اليه الملائكة. وعن ابن عباس انه كان يوم بدر.

وقوله: { وذوقوا عذاب الحريق } تقديره، ويقولون يعني الملائكة للكفار يقولون لهم ذوقوا عذاب الحريق يوم القيامة وحذف لدلالة الكلام عليه. ومثله قولهولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا } أي يقولون ربنا أبصرنا، ودل الكلام عليه. والحريق تفريق الاجسام الكبيرة العظيمة بالنار العظيمة يقال: احترق احتراقاً واحرق إحراقاً وتحرق تحرقاً وحرقه تحريقاً، وجواب " لو " محذوف، وتقديره لرأيت منظراً هائلاً وإنما حذف جواب " لو " لأن ذكره يخص وجهاً ومع الحذف يظن وجوه كثيرة فهو أبلغ.